Friday, October 17. 2008
بينت الثقافة الليبرالية عمق العلاقة بينها وبين دين الله الواحد - الإسلام - ، وهذا يعني إن الليبرالية بمفهومها الواقعي تعني الإسلام بمعناه المجرد أو كما جاء على قلب سيدنا محمد ، وهذا الكلام ليس دعوة إعلامية نطلقها ، بل هي تعبير عن عمق الروابط بين ثقافة الليبرالية من جهة والإسلام من جهة ، فكلاهما تبنيا الدعوة لتحرير الإنسان ،
وكلاهما يسعيان من اجل خلق إنسان حر يؤمن بالحياة ويعمل للصالح العام ، ويدفع للمشاركة في صنع الحياة والمستقبل ، وكلاهما بشر بمنظومة القيم والصراط المستقيم أو لنقل الوصا العشر ، التي تستهدف حماية الإنسان وحماية مستقبله .
نحن إذن امام حقيقة واقعية تمازج بين الروح والعقل في حركة الواقع ، وهذه فلسفة الليبرالية في نظرتها للحياة والكون ، وهذا يعني رفع حالة الألتباس من ذهن البعض ككون الليبرالية نقيض الإسلام أو الدين بمعناه العام ، يروج لهذا احزاب ومنظمات دينية تعودت الكذب والتضليل وممارسة الفكر السياسي الشمولي في طرد الآخر ، ودعايات التضليل هذه حاضرة في الخطاب اليومي نسمعه ويروج له رجال دين متخلفين .
فالليبراليون الديمقراطيون هم دائماً مع شعوبهم و في وسط مجتمعاتهم وهم معاً يشكلون كلاً موحداً ، لافرق بين روحهم وفكرهم ، ولا بين أخلاقهم الخاصة وأخلاقهم العامة ، ولا بين قولهم وفعلهم .
و حياة الليبراليين الحقيقية تتضافر فيها وحدة الفكر والروح ووحدة العمل ، لأن الليبرالية التي يحملونها ويبلغونها للناس كافة ، هي في مطابقة الفكر مع الممارسة ولا تباين أو تناقض ، وهي هنا بمثابة التربة الطبيعية للإنسان الصالح في كل مجالات الحياة .
والإسلام في معناه الإلهي هو هذا بالضبط من دون تمييز ، لكن بعض رجال الدين فيه جعلوه أرهابياً ومتوحشاً وطائفياً ، وهذه الصفات هي من صنع جماعة الدين السياسي المتكئين على بعض فتاوى لفقهاء متخلفين وقلقين وأصحاب مزاج لم يمت إلى الدين بصلة .
فالدين كما تعرفه الليبرالية : هو منهج وسلوك حضاري متقدم في وقته ، وهو ليس دين فقهاء الطقوس الذين باعدوا بين الإنسان وربه ...
إذن فنظرة الليبرالية للدين ليس من وحي نظرتها لرجال الدين الذين جعلوا من الدين معملاً لإنتاج الفكر المتطرف وحماية الأستبداد والدكتاتوريات المحلية ، وهم بدلاً من أن يبرهنوا على قوتة الفكرية والإنسانية والأخلاقية ويحفظوها من كل تغيير ، ومن كل طارئ يحدث ، راحوا يقضون بذلك على روحه وشخصيته ويفقدونه مميزاته الحية وأستقلاله ، وهم بذلك يفسحون المجال لدعاة الظلم والإرهاب وأرباب الحكم الجائر ، كي يستمدوا من الدين أسلحة يطعنونه بها .
حتى جعلوا من الدين كابوساً منفراً ، لكن الدين الذي ينادي بالليبرالية والعلمانية هو دين الإسلام كما جاء وحياً على قلب محمد – ص - ، فإسلام محمد لايرفض الليبرالية بل يبارك بها ويدعمها لأنها تنادي بما ينادي من قيم وشمائل ودعوة للعمل الصالح ، وبما يدعوا له من الحوار والتلاقح الفكري ونبذ فكرة الأنا الذاتي والإيمان بوحدة الإنسان ووحدة المصير ووحدة الحياة ونظامها الكوني .
والليبرالية الديمقراطية لم ولن تنكر الدين بإعتباره وحياً إلهياً ، وتؤمن بنبوة محمد وكل الأنبياء من قبله ، محمد هذذا كما إنه كذلك فهو عندها بشر يأكل ويشرب ويتزوج ويمشي في الأسواق ويخطئ ويعمل كل ما تتطلبه الحياة .
ومحمد الرسول مارس الليبرالية الديمقراطية بكل أصنافها في حياته وفي مجتمعه ، لأن فلسفة الأخلاق عنده لم تختلف عن فلسفة الأخلاق عند الأغريق الذين سبقوه .
[و ليبرالية الأنبياء رأيناها في شكل وطبيعة
الحوار الذي دار بين النبي إبراهيم وبين الملائكة ،
الحوار الذي مدحه الله وأثنى عليه ، بقوله : إن إبراهيم لحليمٍ أواه منيب - و الوصف بالحلم من الله لإبراهيم ، لأنه يجادل الملائكة في قوم لوط !! ] .
وهذه هي طبيعة الفكر الليبرالي عند الله وعند أنبياءه ، و الحوار نجده كذلك مطلوب ومفتوح كالذي دار بين الله وبين إبليس !! لم يكن حواراً بين الخالق والمخلوق ، ولم يكن بين السيد والعبد ، ولم يكن حواراً فيه روح إستعلائية ، بل كان حواراً شفافاً هادئاً ليبرالياً .
نرى ذلك حين طلب الله سبحانه من موسى النبي ليذهب إلى فرعون ، ويقول له : قولاً ليناً لعله يتذكر ويخشى - هذا الحوار هو منهج الليبراليين الديمقراطيين في التعامل مع الذات ومع الغير .
وعلى هذا لا يمكننا الفصل بين منهج الليبرالية والإسلام في تبني الحوار لتدعيم وحماية الإنسان ، وخدمة قضاياه في التحرر و البناء والتنمية ، وكذا في بناء مؤوسساته الدستورية والقانونية و الإجتماعية والثقافية والفكرية .
ولا ينفصل الحوار في عقل الليبرالية والإسلام لأنهما في واقع الحال يستخدمان الحوار لتقليل المصاعب في التعريف بالهوية ، والبحث عن القدرة في الشراكة بما يعزز وحدة الإنسان ووحدة قيمه ووحدة أهدافه ، التي هي أهداف الله في نهاية المطاف , ولا يتحقق ذلك في الحياة غير منهج الليبرالية في فلسفتها وفي وعيها وفي نضالها من أجل حياة أفضل لبني البشر .
الدائرة الثقافية والإعلام المركزي
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
12 - 06 - 2005
|