كانت المقاطعة رقم 7 من - الصفاوة الشمالية - ، هي مراتع الصبا التي نمى بها الراحل الكبير وأشتد عوده وكبر ، وبها تعلم معاني البطولة والكرامة والعز مستلهماً روح أبائه واجداده الكرام ، ذلك التاريخ المفعم بكل معاني الشرف والشهامة والشجاعة ، وعلى هضبات تلك الأرض الطيبة وسهولها كبر حلمه في إقامة دولة العدل والحرية والسلام ، فكان رحمه الله رافضاً للظلم أبياً مقداماً جسوراً مهابا شجاعاً مجربا ، شهد له في ذلك كل من عرفه من الأقربين والأبعدين .
يروى إنه في تلك المرحلة من حياته الشريفة تصدى ( وهو أبن الرابعة عشرة من العمر ) لواحد من أزلام النظام ومرتزقته من العهد البائد ، حين تطاول ذلك المرتزق على قامات العراق وقيمهم الخالدة ، فكان رده عليه كما تذكر لنا ذلك صحيفة - صوت الشعب - الصادرة في تلك الأيام ، تقول : كان ذلك الشاب العراقي الناصع الحس الوطني يعبر عن بسالة كل العراقيين وعزمهم وشجاعتهم ، وتضيف قائلة : نقلاً عن شهود عيان إن ( عبدالجليل الركابي ) هو ذلك الشاب الجسور الرافض للظلم والإنكسار والحامل لهموم شعبه وآمالهم في الحرية والتحرير ، قدم لنا درساً في البطولة والشجاعة العراقية الخالصة و الرافضة للخنوع والذل ، ومؤكداً في الوقت نفسه على كل المعاني الخالدة في الحرية والإستقلال ، وتضيف الصحيفة قائلة : من هنا عمدت مديرية المعارف في الناصرية المتواطئة ، على فصل الطالب ( عبدالجليل الركابي ) سنة دراسية كاملة ، وسحبت أوراقه من المدرسة ، لكن جهود والده الشيخ إبراهيم آل فشاخ وعمه الشيخ خضر آل فشاخ و أعيان المدينة ووجهائها ، أثمرت في رد الإعتبار إليه وإعادته إلى المدرسة ، وتسجيله من جديد ونقله إلى مدرسة أخرى .. ومن هناك بدأ نضاله المستديم ضد عناصر الإستعمار والرجعية .
منذ ثلاث أعوام مضت صدحت حناجر العراقيين ببراءة تقول وتردد كلمة الحق في وجه حكومة الفساد والتوليف الطائفي و المحاصصة البغيضة ، كانت الصرخة هي إرادة العراقيين الصادقة والمتبنية لمشروع التغيير والبناء الوطني ، لذلك كانت صرخةً طاهرةً غير مدنسة بأوساخ المذهبية والطائفية والدينية المريضة ، كان حلم الشباب والشابات في بناء وطن محترم يستحق العراقيين ويستحقونه بعد كل هذا الشتات وكل تلكم المعاناة والألم ، الذي عاشوه عبر سنيين من الحروب والفتن والإرهاب ، وكانت الرؤية و الهاجس أن يعيش عامة العراقيين كباقي خلق الله في أمن وأمان وكرامة .
منذ سنيين وأنا أركن إلى جنب الشعب في رغبته و خطواته نحو الأمل والرجاء في أن ينهض من جديد ويُعاد له أسمه ورسمه وتاريخه ، ولكن الواقع وفعل الساسة عديمي الضمير والشرف جعلت حياة العراقيين تتراجع و تزداد سوءا سنة بعد سنة ويوما بعد يوم ، ولم يعد الكلام عن الحال والمستقبل المجهول ضرباً من الخيال ، بل أصبح ذلك المجهول هو الواقع مع هذا العنت والضيم الذي يلاقيه الجميع ، وهم يرتشفون من حنظل هذا الواقع بعدما سقطت عن سياسي العهر كل أوراق العنب والتوت .
تسمّرت عيناي على البابا وهو ينزل سلّم الطائرة في مطار أربيل : رجلٌ
تجاوز عقده الثامن بخمس سنوات - وربما أكثر بقليل - ، برئة واحدة مدّت
جسده بالأوكسجين منذ بدايات شبابه ، وهو يمشي بمشقة ناجمة عن تبديل مفصل
الورك لديه بآخر إصطناعي قبل شهر . أشفقتُ على تعب الرجل الذي قد
لاتستطيعه كثرةٌ من الشباب ، وحدّثتُ نفسي : هل يمكن لهذا الرجل أن يبوح
بتعبٍ أو بأية إشارة تنمُّ عن عدم قدرة على التحمّل ومواصلة رحلته التي
جاء فيها العراق " حاجّاً " ؟ لايمكنُ بالطبع ، وليس أمامه سوى أن يتحمّل
كلّ أتعاب الرحلة المضنية وخذلانات الجسد المرهق . ليس بوسعه سوى أن يحمل
صليبه مرهقاً ويمضي في زيارته لأرض الرافدين . التعب بالنسبة إليه ترفٌ
غير مسموحٍ به ، وليس بوسعنا جميعاً إلا أن نعترف ببطولة هذا الرجل الذي
تحدّى كلّ " الكوابح " التي وُضِعت أمامه بقصد ثني عزيمته على إتمام هذه
الزيارة البابوية غير المسبوقة إلى أرض العراق التي صارت ساحة صراعية
لشتى الأفكار والأسلحة المسندة بقوة العضلات ؛ لكنه مضى غير آبه بما قد
يواجهه من مفاجآت غير سارة . الحقُّ أن هذا الجانب البطولي في السلوك
الشخصي للبابا هو ماأسرني في شخصيته الوديعة ، وأظنُّ أنه هو ماأسر معظم
العراقيين
يُخيل إليَّ إن قادة العراق في واد والعالم كله في واد أخر ، فمنذ إجتياح العالم هذا الوباء لم أجد لدى زعامات العراقيين ذلك العزم وتلك الثقافة التي بها يتصدون وبها يحاولون التقليل من التبعات والآثار البغيضة لهذا الوباء اللعين .
إن الزعامات التي أبتلي بها العراق في هذا الزمن التعيس ليس في وارد حساباتهم ، تنبيه الشعب أو تثقيفه وإشراكه فيما يجب وفيما لا يجب ، بإعتبار إن هذا الوباء هو أخطر قضية تواجه الأمم والشعوب في أيامنا المعاصرة ، وعلى العكس من ذلك نرى قادة الدول المتحضرة مع شعوبها تحاول المرة تلو الأخرى في صنع ما يمكنه الدفاع والحماية من هذا الوباء اللعين .
انتظرت زمناً وفكرت كثيراً فيما يمكن وفيما لا يمكن ، وكنت كغيري من العراقيين الراغبين بالتغيير ، ورجوت الله في كل مرة ان يساعد العراقيين على بلواهم وأن يتخطوا أيامهم السود ، ولكن دائماً تكون الإنتكاسة في شكل ما وبيد من بيدهم المسؤولية ، ولم أجد لكثير منهم عزماً ومجالدة فضاعوا في التفاصيل وغلب عليهم الكسل والهوان ، وأستهوتهم الدنيا ولم ينقذوا العراق كل العراق من الوحل الذي هو فيه .
إلى أن جاءت الفرصة للأخ الكاظمي ولم أبادر مع علمي به وبنواياه الطيبة ، وبقيت أرقب الإيام وأعد الساعات وأرى كيف يمكنه العمل في ظل واقع ممزق ؟ ، وكان رهاني على العقلانية والرزانة التي أتصف بها ويتصف ، واعجبني فيه بعده عن الشعارات والخطب والضجيج ، ووجدته في كل يوم يبرهن على أن العمل الصالح والجد وتسخير الطاقات هي الممكن في تحويل وتبديل حال العراقيين ، ووجدتني أرصد تحركاته وهو يجوب العراق من شماله لجنوبه يكتشف مواطن الخلل ويشير للضعف ويؤشر على مكامن الخطر أين وكيف ؟ .
في المسح المعرفي لمعنى كلمة - دجال - يتبين إنها جاءت مركبة وصفاً و نعتاً لحال الموصوف به من الفعل والفاعل ، وثمة تعاريف أتى بها اللسان العربي وهو يصف الفاعل ، فيقول تارةً : هو الكذاب بالقول والفعل ، ويقول طوراً : هو المُخادع القادر على تضليل بعض الناس فيوهمهم بلباس الأتقياء و العفة والشرف ، وثمة من يقول : هو المموه الذي يظهر ما لا يُبطن من أشياء ( المنافق ) ، وصفات الحال هذه إن اسقطناها على أرض الواقع فإننا سنلتقي بكثيرين من هنا وهناك ممن يتصفون بذلك ، وفي الجمع الرياضي يمكن القول : هي ظاهرة تعبر عن سلوك وأخلاق وحياة اجتماعية تستهدف كيان ودواخل المجتمعات فتخربها .
عامر صالحرغم خسارة التنظيم الارهابي "الدولة"، المعروف إعلاميًا باسم "داعش ـ التنظيم الأسلامي للعراق وبلاد الشام "، الغالبية العظمى من الأراضي التي كان يسيطر عليها في سوريا والعراق، إلا أن التنظيم أعاد تنظيم صفوفه إلى حد ما، واستمر في استخدام استراتيجية التمركز في الصحراء ثم شن هجمات خاطفة، خصوصًا أن معاقله اليوم هي البادية السورية غرب الفرات، وكذلك صحراء الأنبار الشاسعة وصحراء نينوى وسلسلة جبال حمرين الممتدة من ديالى إلى كركوك مروراَ بصلاح الدين وجبل مكحول والبعاج والأطراف الشمالية لحزام بغداد، فضلا عن خلاياه النائمة، ويقدر عدد أعضاء التنظيم اليوم في الصحراء السورية - العراقية بأكثر من 20 ألف مقاتل أرهابي، ويعيش عناصر التنظيم في مخابئ بعيدة وملاجئ تحت الأرض، ويستخدمون الطاقة الشمسية لتشغيل أجهزتهم الإلكترونية.
وصفت الناصرية (مركز محافظة ذي قار جنوبي العراق)، منذ انطلاق الاحتجاجات مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بأكثر منطقة تعرضت للعنف بعد بغداد.
واختلفت طبيعة الحراك والاحتجاج في محافظة ذي قار عن بقية المناطق، حيث شهدت حرق مقرات للأحزاب وسقوط قتلى وجرحى على نحو متزايد، في الوقت الذي لم تشهده أي محافظة أخرى، وازداد الأمر ضراوة بعد أيام قليلة من الهدوء، ليتكرر السيناريو من جديد بحرق مقرات أحزاب أخرى، إضافة إلى أبنية حكومية.
تعدى الأمر إلى أكثر من ذلك، حينما بدأت أعداد كبيرة تهاجم بيوت مسؤولين، وتحرق منازل قيادات حزبية، ومع كل حرائق يشعلها المتظاهرون يسقط العديد من القتلى والجرحى، ومع كل مواجهة تحرق أبنية وسيارات، بما فيها العسكرية.
أوشكت مظاهرات تشرين والانتفاضة الشبابية الباسلة التي انطلقت في الأول من أكتوبر الماضي إن تكمل شـهرها الرابع وهي تزداد روعة وبهاء رغم تضحياتها الجسيمة حيث تجاوز عدد الشهداء الستين بطلا وبلغ عدد ألجرحى والمعاقين أكثر من 25 ألف في حين يتواصل مسلسل القتل والاختطاف والتعذيب والاغتيال من قبل أجهزة الحكومة المستقيلة ومليشياتها القذرة لتتوج جرائمها بحرق خيم مظاهرات أبناء الناصرية الأشاوس مساء الأحد صباح الاثنين وبعملية جبانة جرى التمهيد لها من قبل الأجهزة الأمنية وكذلك بقطع التيار الكهربائي وقت تنفيذ الجريمة والتي أدت إلى سقوط شهيدين و25 جريحا .
{الفرات نيوز} تنشر نص خطبة المرجعية العليا اليوم الجمعة
في أوقات المحن والشدائد تمسّ الحاجة الى التعاون والتكاتف، ولا يتحقق ذلك الاّ مع استعداد جميع الأطراف للتخلي ولو عن جزء من مصالحهم الذاتية وترجيح المصالح العامة عليها.
انّ التعامل بأسلوب المغالبة من قبل الأطراف المختلفة التي يملك كل منها جانباً من القوة والنفوذ والامكانات ومحاولة كل منهم فرض رؤيته على الباقين سيؤدي الى استحكام الأزمة واستعصائها على الحل, وبالتالي ربما يخرج الجميع منها خاسرين، وتكون الخسارة الأكبر من نصيب البلد وعامة الناس الذين ليس لهم دخل في الصراعات الداخلية والخارجية الجارية ولا يعنيهم أمرها بمقدار ما يهمهم أمن بلدهم واستقراره والمحافظة على استقلاله وسيادته وتوفير حياة حرة كريمة لهم ولأولادهم.
انّ ما وقع في الأيام الاخيرة من اعتداءات خطيرة وانتهاكات متكررة للسيادة العراقية مع ضعف ظاهر للسلطات المعنية في حماية البلد وأهله من تلك الاعتداءات والانتهاكات هو جزء من تداعيات الأزمة الراهنة، والمطلوب من الجميع أن يفكروا ملياً فيما يمكن أن تؤول اليه الأوضاع اذا لم يتم وضع حد لها بسبب الاصرار على بعض المواقف ورفض التزحزح عنها، انّ من المتوقع أن يؤدّي ذلك الى تفاقم المشاكل في مختلف جوانبها الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأن يفسح المجال للآخرين بمزيد من التدخل في شؤون البلد وانتهاز الفرصة لتحقيق مطامعهم فيه.
انّ شعور الجميع بالمسؤولية الوطنية وترجمة هذا الشعور الى مواقف مؤثرة في وضع حل للأزمة الحالية بالاستجابة لمتطلبات الاصلاح وفق الخارطة التي تكرر الحديث بشأنها يشكّل المخرج الصحيح من هذه الازمة لو اريد انهاؤها بنتيجة مقبولة، بعد كل التضحيات الجسيمة التي قدمها ابناء هذا البلد في مختلف الجبهات والساحات.
كفى الشعب ما عاناه من حروب و محن وشدائد على مختلف الصعد طوال عقود من الزمن في ظل الانظمة السابقة وحتى النظام الراهن، فلترتق الأطراف المعنية الى مستوى المسؤولية الوطنية ولا يضيعوا فرصة التوصل الى رؤية جامعة لمستقبل هذا الشعب يحظى فيه بما حلم به الآباء ولم يتحقق للأبناء الى هذا اليوم، وهو أن يكون العراق سيد نفسه يحكمه ابناؤه ولا دور للغرباء في قراراته، يستند الحكم فيه الى إرادة الشعب ويكون حكماً رشيداً يعمل لخدمة جميع المواطنين على اختلاف انتماءاتهم القومية والدينية، ويوفر لهم العيش الكريم والحياة السعيدة في عزّ وأمان، وهل هذا كثير على هذا البلد العزيز مع ما يمتلكه من عقول نيرة وامكانات هائلة؟! نسأل الله تعالى أن يسدد الجميع ويمنحهم التوفيق للسير في هذا الطريق انه ارحم الراحمين.
هل تعاقب أميركا الحكومة العراقية لـ"تلكئها" في الدفاع عن سفارتها في بغداد؟
"الحشد الشعبي يسيطر على أركان الدولة ما يشكل تهديداً للمجتمع الدولي"
أحمد السهيل مراسل @aalsuhail8 الأربعاء 1 يناير 2020 22:52
قوات الأمن العراقية أمام السفارة الأميركية في العاصمة بغداد بعد انسحاب أنصار "الحشد الشعبي" من محيط السفارة (أ.ف.ب)
أعلنت قيادة العمليات المشتركة، الأربعاء 1 يناير (كانون الثاني)، انتهاء الاحتجاجات أمام السفارة الأميركية داخل المنطقة الخضراء، مع انسحاب محتجي "الحشد الشعبي" استجابة لمطالبات بذلك، صدرت من هيئة الحشد ورئيس الوزراء العراقي.
واستقبل العراقيون العام الجديد باحتملات تفجر أزمة كبيرة، إثر اقتحام حشود كبيرة تابعة لـ"الحشد" المنطقة الخضراء الحكومية، وتمركزها أمام السفارة الأميركية في بغداد، بحضور كبار قادة الهيئة، فضلاً عن ممثلي كتل برلمانية، مهددين بالدخول إليها وتاركين البلاد أمام احتمالات تصعيد خطيرة، وأزمة جديدة تمس المصالح الأميركية في البلاد.
المرجع الشيعي العراقي علي السيستاني يحاول الظهور بمظهر المتعفف والزاهد في التدخل بالشأن السياسي، غير أن ما يحاك في داخل المرجعية بتصرف مباشر من نجله يكشف العكس ويثبت أنه صانع الحكم الحقيقي في العراق. لذلك تسعى الأحزاب والمسؤولون العراقيون للتقرب منه ونيل رضاه. دور جعل من المرجع السلطة العليا في البلاد من وراء الستارة لذلك استمرأه ولا يريد التفريط فيه سواء بالإبقاء على ذات الوضع أو عناصر الطبقة السياسية. لهذا فإن المرجعية تلعب دور ولاية الفقيه في الدولة العراقية، لكن مع طاقية إخفاء.
الناصرية رأس العراق الحضاري الأبي الشامخ، الواعد بإشراقات إنسانية إبدعية أصيلة، وتفاعلات ذات شهامة وعزة وكرامة وإرادة ثورية لا تضاهى.
الناصرية المرصعة بنجوم المبدعين في الشعر والطرب والأدب والفقه واللغة والعلوم الأخرى، والمزينة برايات الكينونة العراقية الباسلة على مدى العصور.
الناصرية عاصمة مملكة سومر وفيها "أور"، التي إحتضنت أولى الحضارات البشرية، وفيها حكم جلجامش وأدرك أن رسالة الخلود في البناء فشيد مدينة: أريدو"، وعلى أديمها تسامقت ممالك أور، ولجش وأوروك.
قرأ ممثّلُ المرجعيّة الدينيّة العُليا خلال خطبة صلاة الجمعة التي أُقيمت هذا اليوم (23ربيع الآخر 1441هـ) الموافق لـ( 20كانون الأول 2019م) في الصحن الحسينيّ الشريف، نصّ ما ورد من مكتب المرجعيّة الدينيّة العُليا في النجف الأشرف.
وقال سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائيّ (دام عزّه): إخوتي أخواتي أقرأ عليكم نصّ ما وردنا من مكتب سماحة السيّد علي الحسينيّ السيستانيّ(دام ظلّه) في النجف الأشرف.
بسم الله الرحمن الرحيم
لا يزال البلد يعيش أوضاعاً صعبة ومقلقة، حيث تستمر فئات مختلفة من المواطنين في المشاركة في التظاهرات والاعتصامات السلمية المطالبة بالإصلاح، في حين يتعرض بعض الفاعلين فيها للاغتيال والخطف والتهديد، وفي المقابل تجبر العديد من الدوائر الحكومية والمؤسسات التعليمية على غلق أبوابها من دون ضرورة تدعو الى ذلك، وتتعرض ممتلكات بعض المواطنين للحرق والتخريب، ويشتكي الكثيرون من ضعف هيبة الدولة وتمرّد البعض على القوانين والضوابط المنظمة للحياة العامة في البلد بلا رادع أو مانع.
وقد أشرنا في خطبة سابقة الى ان الشعب هو مصدر السلطات ومنه تستمد شرعيتها ـ كما ينص عليه الدستور ـ وعلى ذلك فإنّ أقرب الطرق وأسلمها للخروج من الأزمة الراهنة وتفادي الذهاب الى المجهول أو الفوضى أو الاقتتال الداخلي ـ لا سمح الله ـ هو الرجوع الى الشعب بإجراء انتخابات مبكرة، بعد تشريع قانون منصف لها، وتشكيل مفوضية مستقلة لإجرائها، ووضع آلية مراقبة فاعلة على جميع مراحل عملها تسمح باستعادة الثقة بالعملية الانتخابية.
ولكن الملاحظ تعرقل إقرار قانون الانتخابات الى اليوم وتفاقم الخلاف بشأن بعض مواده الرئيسة، وهنا نؤكد مرة أخرى على ضرورة الاسراع في إقراره وأن يكون منسجماً مع تطلعات الناخبين، يقرّبهم من ممثليهم، ويرعى حرمة أصواتهم ولا يسمح بالالتفاف عليها. إنّ اقرار قانون لا يكون بهذه الصفة لن يساعد على تجاوز الأزمة الحالية.
واذا تمّ إقرار قانون الانتخابات على الوجه المقبول يأتي الدور للنخب الفكرية والكفاءات الوطنية الراغبة في العمل السياسي لتنظم صفوفها وتعد برامجها للنهوض بالبلد وحلّ مشاكله المتفاقمة في إطار خطط عملية مدروسة، لكي تكون على إستعداد لعرضها على الناخبين في أوان الانتخابات، ويتم التثقيف على التنافس فيها لا على أساس الانتماءات المناطقية او العشائرية أو المذهبية للمرشحين بل بالنظر الى ما يتصفون به من كفاءة ومؤهلات وما لديهم من برامج قابلة للتطبيق للعبور بالبلد الى مستقبل أفضل، على أمل أن يقوم مجلس النواب القادم والحكومة المنبثقة منه بالدور المطلوب منهما في إجراء الإصلاحات الضرورية للخلاص من تبعات الفساد والمحاصصة وغياب العدالة الاجتماعية في المدة السابقة.
وختاماً نأمل أن لا يتأخر طويلاً تشكيل الحكومة الجديدة، التي لا بد من أن تكون حكومة غير جدلية، تستجيب لاستحقاقات المرحلة الراهنة، وتتمكن من إستعادة هيبة الدولة وتهدئة الأوضاع، وإجراء الانتخابات القادمة في أجواء مطمئنة بعيدة عن التأثيرات الجانبية للمال او السلاح غير القانوني وعن التدخلات الخارجية. والله وليّ التوفيق..
في الناصرية جرت مذبحة بشعة وقتل عمد لشباب أبرياء من خيرة ما أنجبت المدينة شهد على ذلك العالم أجمع ، فهؤلاء الشباب المغدورين كانوا في عداد الثوار ضد الفساد والإنحراف والخيانة ، قتلهم الغدر والجبن والخيانة وبدم بارد ، ومن أجل تبرير تلك الجريمة ، عمد القتلة من عملاء السلطة للترويج والقول : بأن الذي جرى في الناصرية كان من أجل تسهيل خروج وهروب الجماعة الإرهابية التي أُعتقلت هناك في سجن الحوت .
إن تشويه روح الثورة عبر الزعم والدس والكذب العمد خطيئة أخرى مضافة لجرائم القتلة والمأجورين ، ولكنه تشويه فاشل بعدما أثبت أهل الناصرية براعة وحنكة وشجاعة وقيادة منقطعة النظير في تحريك الثورة في كل العراق ، مما حدى بهؤلاء النفر من الموتورين للبحث عن كل ما يعيق تقدم الثورة ونجاحها أو الفت بعضد الثوار الذين أبهروا العالم أجمع بوثبتهم وصمودهم ووحدتهم .
دائماً تتعرض حركة الثورات في كل العالم إلى أعمال كيدية من أشخاص يظهرون في الوسط حماسيون في الغالب ولكنهم نفعيون ومرتزقة ومتآمرون وهم كثير فأحذروا منهم ، أولئك الذين يلبسون ثوب الثوار والمصلحين والأطهار وهم أبعد ما يكون عن الثورة والثوار ، هؤلاء الذين يكثرون الصراخ بمناسبة أو بدونها فهم من يخاتلون الثوار الحقيقيين ويطعنونهم في الظهر ، وهؤلاء يجب تعريتهم وتعريفهم للعالم لكي يشهد على خبثهم ونفاقهم وأنتهازيتهم .
وإننا إذ نهيب بأبنائنا الثوار أن يحذوا الحيطة والحذر فليس كل من تسربل بلباس الجنود مقاتلاً ، نعم هناك ثمة مؤامرة يُراد لها ان تخلط الأوراق وإفتعال الفتنة بين المتظاهرين ، والتهويل من الخطر الوهمي كما فعل أبن زياد ذات مرة .
فكونوا على حذر ووجهوا أنظاركم نحو الهدف الكبير في التحرير وبناء الدولة الجديدة ، وفي هذه المناسبة أناشد بعض شيوخ العشائر أن لا يكونوا بيادق في صف أعداء الوطن ، ولا يجب ان يدنسوا شرف العشيرة والقبول بفتات من دنيا زائلة أو يتساهلوا مع المعتدي مهما كثُرة مغرياته ، وأبشركم فإن ما ينتظر الجميع خيرا كثيرا ، فلا تفوتوا على أنفسكم وأهليكم شرف المشاركة في صنع العراق الجديد الذي يحلم به كل حر غيور شريف ، ولا تنخدعوا بأباطيل جوقة المفسدين الذين خربوا كل عامر وجميل في وطننا الحبيب ، وهم في النفس الأخير .
نعم هناك شيوخ وعشائر ترفع لهم القبعة والعقال والعمامة لمواقفهم الوطنية الجسورة التي عبرت بصدق عن توجهات كل الشعب من أقصاه إلى أقصاه مواقف جريئة جبارة ، فلهم الشكر موصول منا ومن كل عراقي أصيل ما حيينا ، وسيسجل التاريخ أسمائهم وصفاتهم بأحرف من نور في سجل الخالدين طيبي الذكر .
وفي هذه المرحلة من مسيرة الثورة أتمنى أن يكون شعارها ، هو ذلك الشعار الخالد للإمام الحسين وهو يقول : - ( من لحق بنا أستشهد ومن تخلف عنا لم يبلغ الفتح ) - ، في رمزية هذا الشعار وفحوآه متوكلين على هديه سائرين غير منحازين سوى لشعبنا الذي يأمل فينا خيراً وصلاحاً .
أحببت أن أقول ذلك في هذا التحذير ، لما نسمع ونشاهد من المحاولات الخبيثة لإعداء الثورة من الطابور الخامس ، وزمر المتآمرين والخونة فكونوا أيها الثوار في وطني على حذر ، وأعقلوا أمركم وتوكلوا فلم يبقى من الأمر أكثر من الذي مضى ، نصركم الله وسدد خطاكم ..
راغب الركابي
لا بلد آخر في الدنيا يحمل على ظهره مثل هذه الأثقال التاريخية، من المرثيات السومرية الى المواويل الجريحة، مروراً بنبوخذنصر، وسميراميس، وهارون الرشيد...
لا بلد آخر في الدنيا يحمل على ظهره مثل هذه الأثقال الجغرافية. أن يتاخم الدولتين الاقليميتين الكبريين، بما يختزنان من تفاعلات أمبراطوريات، اضافة الى أربع دول عربية. كل الرياح، وكل الصراعات، تتقاطع، بشكل أو بآخر، على أرض الرافدين.
كنا قد لفتنا الى ما قاله أمبراطور الصين للرحالة القرشي من أن «الملوك خمسة، أوسعهم ملكاً ملك العراق لأنه في وسط الدنيا». ربما مشكلته أنه في وسط هذه المنطقة التي هي وسط الدنيا.
يواصل الشعب العراقي صراعه من أجل الحرية والكرامة والإستقلال ، مدفوعاً برغبة عارمة على تصحيح كافة المسارات التي خلقت هذه الضائقة للشعب وللدولة منذ 2003 ، ويعلم العالم كم كان شعب العراق سخياً ومطواعاً في كل الساحات التي كان يُنادى فيها إليه ، بدءا من عمليات الإنتخابات المتكررة الشكلية والتافهه ، ومرورا بحربه ضد زمر الإرهاب والتمرد التي صنعها المحتل وأعوانه ، ولم يبخل هذا الشعب في هذا الطريق وقدم كل غال وعزيز من تضحيات ودماء كثيرة .