الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية هو سلوك حضاري ، يتخذه الإنسان بإعتباره الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها الحفاظ على الهوية وعلى المضمون الوطني والقيمي الصحيح .
لأن الليبرالية الديمقراطية تقوم على أساس فكري يحقق للإنسان حاضره ومستقبله على صعيد الواقع ، وقد تبنى – الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - الليبرالية الديمقراطية كفكر وكمحتوى للتفكير وكضرورة تساهم في عملية التغيير العام جاء ذلك في بدء الإعلان عن حضور الحزب في الساحة القطرية ، وفي الحياة النظرية والعملية لمجتمعنا وشعبنا وأمتنا ، والأمر كله مرتبط بما يقدمه الحزب من وعي جماهيري هدفه تطوير حياة الإنسان العراقي والدولة العراقية .
تظهر أهمية ذلك في قدرة الحزب على إيجاد الحلول للمشكلات التي تواجه المجتمع والدولة ، وهو بهذا السلوك إنما يؤكد طريقه في الحياة رافضاً النموذج الرأسمالي وأدواته البرجوازية الجشعة ، ورافضاً كذلك النموذج الماركسي الشديد التطرف .
و أهمية – الليبرالية الديمقراطية – تظهر ككونها علاج لمشكلات الوقع الإقتصادي والإجتماعي في منطقتنا والعالم ، وهذا ما قد ركزت عليه الثقافة الليبرالية ، وكذا ركزت عليه سنن المشرعين الليبرالين ، وهم يحللون الظاهرة الجديدة التي أصابت الإقتصاد العالمي، جراء الرؤية التي مارستها المصارف الدولية ، وفي الكيفية التي أعتمد عليها في تنمية رأس المال التجاري والصناعي في تسعينات القرن الماضي ، ويجب التأكيد على إن السبب في ذلك يرجع لطبيعة الفكر الرأسمالي الجشع من جهة ومن جهة أخرى لطبيعة النظم السياسية الشمولية الحاكمة ، فالارباك الذي نلاحظه في السوق الإقتصادية الدولية مرده إلى ذلك .
أي إنه نتاج التطبيق التعسفي لرأس المال ، و هو كذلك نتيجة للمفهوم السلبي لمعنى الملكية ، ولنوعية وطبيعة - تصريف الأعمال - مما أدى إلى إستهلاك مقصود لثروات الشعب والأمة ، يظهر ذلك بالمغالات في إفتعال الأزمات ومن ثم توجيه الأنظار إليها كنوع من الفعل السيكيولوجي الذي يُغطي على الإهتمام الوطني المحلي .
من هنا يكون الطريق إلى – الليبرالية الديمقراطية - هو طريق الإرادة الوطنية الفاعلة بإتجاه تحقيق أهداف المجتمع وأهداف الدولة ، على المستوى الإقتصادي في إطلاق روح التنافس الوطني الإيجابي ، وتوسيع مفهوم الملكية الوطنية ، وفتح الأسواق أمام حركة رأس المال الوطني التجاري والصناعي للجميع ، وإلغاء سلطة الدولة وإلغاء عمليات التأميم ، وخلق التوازن بين الحقوق والواجبات : من خلال حماية الملكية الفردية وحماية الملكية العامة في آنً معاً ، ووضع نظام دائم للأمن الإجتماعي والأمن الصحي وحماية العاطلين عن العمل .
فالفكر الليبرالي إن تأملناه بدقة سنجد فيه التوازن بين حركة السوق وحاجات المجتمع ، أي إنه يرفض مبدأ التكديس المتعمد لرأس المال بيد جهة معينة أو طبقة معينه ، ويسعى في الوقت نفسه لتحرير رأس المال ، وفي ذلك تتجلى الحكمة في منادات الليبرالية الديمقراطية بالعدالة الإجتماعية ، التي نبه إليها – الحزب الليبرالي الديمقراطي – منذ تأسيسه ، بل جعل منها هدفاً مركزياً واجب التحقيق ، ومن هنا تبدو - الليبرالية الديمقراطية - من أكثر النظم الإجتماعية واقعية من حيث سعيها لتحقيق التوازن بين الحقوق وبين الواجبات .
من هنا نعتبر نحن في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - إن الظروف والعوامل المحلية والدولية ساعدت و تساعد على تبني طريق – الليبرالية الديمقراطية – منها :
كون الليبرالية الديمقراطية: نبهت على عقم المشاريع والأفكار التاريخية والتراثية ، وعجزها في مواجهة تحديات العصر ، كما أشارت إلى الطبيعة الرومانطيقية للنظريات السياسية والإقتصادية للأحزاب والتنظيمات العتيقة التي قد شاخت ولم تعد تنفع المجتمع ولا الدولة .
وكون الليبرالية الديمقراطية : ركزت على تنمية الوعي الإجتماعي الذي يرفض سياسات الدول من خلال رفض الهيمنة ورفض مبدأ إفتعال الأزمات التجارية و الصناعية في محاولة لتسخير قدرات وثروات العالم الثالث .
* وكون الليبرالية الديمقراطية : تؤمن بنظرية الدمج المسؤول بين القطاعات الصغيرة والكبيرة تحقيقاً لمبدأ التنافس الوطني الذي أشرنا إليه في خدمة الصالح العام ، يمهد هذا الإجراء لتكوين المجتمع القوي والدولة القوية .
في الحلقات الماضية قلنا بان خيار – الليبرالية الديمقراطية – هو ليس خياراً تفاضلياً ، بل هو خيار واقعي يرتبط بمصالح الشعب بالدرجة الأولى ، لهذا يكون التمسك به تمسكاً بمبدأ العدالة الإجتماعية والميثاق الوطني ، وهو ليس رفضاً وحسب بل هو عمل من أجل تحقيق تحولات إجتماعية وإقتصادية فعلية في حياة الشعب والدولة ، وحاجة مجتمعنا إليه ترتبط بإستقلاليته من حيث التكوين وما يؤدي إليه ،حتى غدى هذا الخيار مشروعاً نظرياً وعملياً لخطاب بعض الحركات الحاكمة اليوم ، تتبناه كشعار في التعبئة الجماهيرية .
والطريق إلى - الليبرالية الديمقراطية - يلقى رواجاً لدى الفئات المستضعفة من أبناء شعبنا ، الحالمين ببناء دولة القانون ودولة الخير والسعادة و الرفاهية والتقدم ، في مقابل جشع الأنظمة السياسية الحاكمة ، وفي مقابل الفساد الإداري والمالي الذي يحدثه سوء التقدير في التبني والطرح والكيفية .
نقول هذا ونحن نعلم إن الأحزاب السياسية التي تسيطر على مقاليد الحكم حالياً هي في الغالب أحزاب دينية وقومية ، تتبنى أو لنقل ترفع شعارات الدين السياسي الممزوج مع الترويج الدعائي للديمقراطية النفعية .
لهذا يكون تنامى ثقافة – الليبرالية الديمقراطية – لدى الشعب و تنامي حركة - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي – بين فئات ومكونات الأمة هو حتمية تاريخية أو لنقل ضرورة تاريخية مع إزدياد مساحة الحرية ، فالتعبير عن الإرادة الوطنية بشكل دقيق ممكن من خلال مايلي : [ تحرير قواعد الفكر الإقتصادي في الدولة العراقية ، وتغليب المصلحة الوطنية البعيدة عن الأطر العقائدية ، وتحرير حركة الاقتصاد من سلطة العقائد التراثية المقننة ، و إتباع أسلوب إقتصادي وإجتماعي رصين ومتوازن و قادر على مواجهة التأثيرات السلبية التي خلفتها قوى الاستبداد ، وتطوير مفهوم الخصخصة في الملكية العامة و الموارد الطبيعية ، و زيادة رقعة التملك للطبقات الكادحة ومحدودي الدخل في القطاعات التنموية العامة ، إعتماد النظرية القائلة : بتوجيه دور الدولة ومؤوسساتها لخدمة القضايا الاجتماعية و المرافق الحيوية ، وهذا يلزم إعتبار الدولة شريك أساسي في عملية التنمية والتطوير والتقدم للمجتمع ] .
ولكي يتم ذلك يجب بل يلزم تحرير وسائل الإنتاج الخاصة من أية قيود ممكنة يمكن ان تفرضها الدولة ، وكذا الإنفتاح والمشاركة الجادة في أسهم التجارة الدولية والاستثمار ، والسماح لحركة رأس المال التحرك بحرية والسماح لحركة المنتجات والأدوات الخدمية والعامة ، زيادة الإنفاق الحكومي على المرافق الخدمية من الصحة والتعليم والأمن والمواصلات والكهرباء .
يتبع
مركز الدراسات والبحوث في
الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي
21 - 03 – 2009