هي الملاذ للأمة من أمراضها ومشكلاتها التاريخية والمعاصرة ، وهي الخلاص الموعود من عنف الطوائف والمذاهب والفتن ، لأنها تقيم قواعدها وبرامجها وثقافتها على أساس ما ينفع الناس في الواقع ، محققةً لهم الاستقرار والأمن ، على أختلاف طوائفهم ومذاهبهم وقومياتهم وأديانهم ، متبنيةً العلم طريقاً للتقدم والنهوض والرخاء ..
والليبرالية الديمقراطية : بدأت تظهر على الساحة السياسية كواقع موضوعي لا بديل عنه ولاغنى ، والأحداث التي يعيشها العراق شاهد و دليل على أهمية ذلك لتكون الضابط والمُحرك والمؤثر و الفاعل في ساحة الأحداث .
وهي لم تعد كلمة أو مصطلحاً غريباً مبهماً أو غير معروف لعامة الشعب ، بل أصبحت تطرح نفسها بقوة من خلال التداول الإعلامي المكثف لها ، ولكونها الحل الممكن للمشكلات التي تعصف بالوطن وبالمجتمع تلك المشكلات التي تتكاثر وتتعمق ، من هنا غدت الليبرالية شعاراً تعبوياً تتخذه مجمل القوى والفعاليات السياسية الناشطة ، بل و غدت منهجاً وأسلوب حياة لكل سياسي يعمل من أجل رفعة وطنه ومجتمعه والنهوض بهما ، وفي ذلك تكون - الليبرالية الديمقراطية - هي خيار الشعب الوحيد الممكن الذي يرفع عنه المحن ويحقق له التغيير والاصلاح الواجب واللازم .
ولكي يكون ذلك كذلك لابد - لليبرالية الديمقراطية - ان تسود وتحكم ، كي تنشر ثقافتها في معنى الديمقراطية وفي معنى التعايش والسلام ، والحاكمية التي نقصدها ليست غاية في حد ذاتها ، بل هي وسيلة لتحقيق العدالة الإجتماعية وبناء الدولة المدنية المنشودة ، وموضوعياً لايتم ذلك من دون امتلاك واقعي لأدوات السلطة في الإجراء و التنفيذ ، وتحويل ماهو نظري إلى ماهو عملي وواقعي بالفعل ..
فالجميع يرفع اليوم شعاراً يقول : إن الطريق للوصول للسلطة يأتي عبر الإنتخابات الديموقراطية والعمل السياسي الشرعي ، أي إنه لا يستطيع أحدُ ما من تسلم السلطة الا عن طريق صناديق الانتخابات عندما تختاره الأمة بأكبر نسبة ممن لهم حق التصويت ، ولكي تتمكن الليبرالية الديمقراطية من تحقيق ذلك ، عليها أولاً : ان تقنع الشعب بقدرتها على النهوض بالعراق ، وبناء مستقبل جيد يحقق الخير والرخاء لعامة الشعب ، لكن : كيف يمكننا اقناع الشعب الذي أكثره من الأميين البسطاء الذين لا يعرفون القراءة أو بأهمية الليبرالية الديمقراطية لهم ؟
ما هو العمل الواجب الذي يلزم القيام به ؟ والليبرالية الديمقراطية كما نعلم تريد العمل من أجل هؤلاء ؟ وتريد الحصول على تفويض منهم بالفوز بأصواتهم في صناديق الانتخابات ؟
وأغلب هؤلاء البسطاء قد لايعرفون حتى مجرد نطق كلمة : الليبرالية !! فما العمل اذن ؟
العمل : هو باقناع ذلك المواطن البسيط ، بأن مصلحته ومصلحة بلده مع الليبرالية الديمقراطية ، لكن كيف يتم ذلك ؟ ونقول يتم ذلك من خلال : مخاطبة الناس بلغة سهلة مفهومة بسيطة تتناسب مع طريقة فهمهم للأمور ، أي : حينما يسألنا أحد ما عن : ما هية الليبرالية الديمقراطية ؟ فيجب علينا القول من دون تردد : إنها تعني - العدل والحرية والسلام - وتعني الكرامة والهوية الوطنية والشعور بالمسؤولية وتعني قيم الشعب وثوابته ، وحين تسألنا المرأة عن ماهية الليبرالية الديمقراطية ؟ فيجب ان نقول لها : إن الليبرالية الديمقراطية : هي التي تمنع الرجل من الزواج بأكثر من واحدة ، وهي التي تحفظ للمرأة حقها في الضمان الصحي والإجتماعي الذي يحميها من سلطة الذكر ويوفر لها حريتها وكرامتها ، والليبرالية الديمقراطية تفرض للمرأة نصيب في الميراث هو النصف مما ترك الوالدان إن كانت واحدة - النساء 11 ، وإن شهادة المرأة أمام المحكمة في الحكم تساوي شهادة الرجل ، وحقها في الطلاق كحق الرجل سواء بسواء كما نص على ذلك الميثاق العظيم في الكتاب المجيد ، ويكون لها في حال الطلاق نصف ثروة الزوج ،
تلك هي الليبرالية الديمقراطية أيتها النساء .
والليبرالية الديمقراطية : ترفض بل تمنع تصنيف الناس حسب الدين والمذهب والطائفة والمنطقة ، وهي تمنع ان يكتب في هوية الأحوال المدنية نوع ديانة الفرد أو مذهبه أو قومه ، فالدين في حقيقته هو علاقة بين الانسان وربه ، والليبرالية الديمقراطية : ترفض بل تمنع الاعتداء من أي شخص على أخر على أساس ديني ، فالأديان يجب أن تكون لله لاحلال السلام والحب والخير بين الناس ، وليست للعداء والفتن والحروب والخراب والدمار .
والليبرالية الديمقراطية : تحقق التوازن الطبيعي في الدولة من خلال إبعاد الدين عن السياسة ، وإبعاده عن صناعة وإنتاج القوانيين ، فالدول التي تقدمت ونمت وتطورت إنما كان ذلك بفضل فك الأرتباط بين الدين والسياسة ، والتجربة التاريخية والمعاصرة علمتنا ان المزج بين الدين والسياسة يؤدي دائما الى الخراب والدمار حدث هذا منذ أيام الفتنة الكبري ، وإلى عصرنا الرآهن مع طالبان وفتنة السنة والشيعة في العراق ،
سوف ندخل التاريخ الذي لم ندخله بعد حين تشرق شمس الليبرالية الديمقراطية .