(تونس) الملهمة في إعادة فهم نصوص الدين، إلهام يستوقف العقل وأرباب العقل.
حيث ” الشريعة” تنحاز لمصالح الإنسان التي من أجله انزلت.
المصالح متغيرة لأنها بشرية، والنصوص في مقاصدها العليا تستوعب هذا التغير.
وصار المجتمع ثالث مصادر التشريع بعد المصدرين المقدسين القرآن ومتواتر السنة وصحيحها.
ليس قياسياً:
حرمت الخمر في القرآن ( ولم يذكر انواع المخدرات الأخري ) وعقوبتها لم يرد فيه نص إنما كانت تعزيرية لشاربها.
تضرر المجتمع من مغيبين العقول سكرا، فسنت القوانين تجرم ( تحرم) المخدرات التي لم يرد نص إلهي فيها مخصوص يحرمها، جرمت الحيازة والبيع والتعاطي حفاظاً علي المجتمع بل وحفاظا علي المتورط في ذلك بأن يخاف العواقب فيرتدع ويمتنع.
أما عن حديث نهي الرسول عن كل مسكر و “مفتر” وهو مايجلب الفتور والخدر في الأطراف، فعند البعض ان حديث الاحاد لايقام عليه فروض دينية..وعليه فتحريم المخدرات لايستند له بالضرورة.
– مثلا لا حصرا:
حرم القرآن الزنا، فماذا عن هتك العرض والتحرش والاغتصاب ؟! أليس من حق المجتمع ان يحفظ الأعراض ويحرم الاعتداء الجسدي بكل صوره ؟
حرمت السرقة ووضع عقوبتها في القرآن، فماذا عن الاختلاس و الهاكر مثلا، أليس من حق المجتمع تحريم هذه الأمور حفظاً للمال والممتلكات ؟
ونعكس لنري الموضوع من زاوية اخري..
– أباح القرآن الرق والتسري بالإماء
والآن هل نقبل فكرة اتخاذ عبيد أو بعلاقة بين رجل وامرأة بلا عقد مستحلا ذلك ام سيحرمه ويجرمه المجتمع نصرة للإنسانية التي كرمها الله ؟
من سلب المجتمع حقه في التشريع ؟!
– هل الاستحسان والذي هو عبارة عن ((العدول بالمسألة عن حكم نظائرها لحكم اخر لوجه أقوى يقتضي هذا العدول )) والمصالح المرسلة يعتبر ملكية للخاصة يتحكمون فيها في الغالبية ؟
من حق المجتمع ان يحلل ويحرم وانه لايزال فيها عقول تقيم ذلك
ومن حق السلطة السياسية ان تصدر قرارات لما تري فيه صلاح المواطنين.
يقولون ان الله وحده هو المشرع، وهنا يلجمون الكلام وتنتهي الجولات قبل بدايتها..
ومن قال ان المجتمع يتخطي الإله!! وهل إعمال المقاصد يغضبه ؟ يقينا لا.
والحقيقة ان هذه الزاوية الضيقة للموضوع منبعها اسرائيليات مفادها
( الرب قاضينا )
وتدري ماذا حدث عندما ضاقت عليهم الدائرة
زعم أحبارهم أن الوحي لايزال ينزل ( نفس الفكرة عند الشيعة ) وقطعا لن يعلم أمر هذا الوحي كل الناس، وسيكون هذا ملكا كهنوتيا عضودا يحتكره الموقعون عن الله.
أيعجبك احتكار الكهنة لوحي مزعوم فيه خلاص البشر وحلول ازماتهم والحل متاح بين أيديهم ؟
– لايشترط ان يزعموا نزول وحي، فعند الكاهن طرق اخري لتخطي النص ونفاذ مراده هو ومصالحه هو وبقاءه هو.
المشهد كالتالي: يقولون نعم للطلاق الشفهي ولا للطلاق بشهود
لالتجديد تونس في ميراث المرأة، وأن المساواة مع الرجل في الورث ظلم وليس عدل.
“تكفير” أهل الكتاب فلاتتزوج نساؤهم منهم.. برغم انه مباح حلال طيب للرجال !!!
سدوا المخارج في دين لاحرج فيه، انما الحرج في فكرهم وجمودهم وتعنتهم.
من سيقوم بذلك:
اولا حاجات المجتمع وضرورياته اوضح من ان يقررها فرد، ففيها تواتر وإجماع وكل سبيل لإثبات مصداقيتها وانها صدق لا هوي.
– عقل واحد يضيء دروب ظلام، فما ظنكم بإجتماع عقول وأنوار، حيث تتلاقي الأفكار، تتفاعل الأفكار، تتحد الهموم، ويجب ويلزم ابعاد كل من يقف حائط صد ضد مجتمعه، وكل من عطل مسيرة الإصلاح وشوهها أو- ويا أسفي – اسندت اليه هذه المهمة فتخاذل عنها وضيعها وضعنا معهم بلا دية ولا عزاء.
تشريع المجتمع حق يجب أن يرد إليه، ليس بطولة ولامجاملة إنما اعتدال للمنكوس واكتمال للمنقوص.
هنيئا لمجتمع تونس بانتصار ارادته الشرعية جدااا والمباركة الهيا جدا جدا
وهنيئا لكل مجتمع سوف يسترد مرتبته في التشريع..
ثمة قرآن وسنة و… مجتمع.