Wednesday, February 27. 2008
مازلتُ أبحثُ عن إسلام نزل وحياً على قلب عبدٍ من عباد الله منذ أربعة عشر قرناً , إسلام ٌ ضاع بين التصحيف والتحريف , وبين سوء فهم عفوي , وسوء فهم مقصود ,
إسلامُنا الذي بين أيدينا شوهه التطبيق التاريخي , وحرفه الترادف , حتى لم يبق فيه أثر لا لله ولا لجبرئيل ولا لمحمد ,
ومع ذلك يقول صاحبه : ــ إنا له لحافظون ـــ , أ ليست هذه مقولة مربكةٌ شئ ما ؟ إن كان المقصود حفظ الشكل فنعم , أما إن كان حفظ المضمون والغايات فما أراه واسمعه وأقرئه , لا يدل على صحته حفظ , فإذا تركنا الكتاب جانباً وتركنا مسألة التكرار فيه , التي هي على عكس بلاغة وبيان اللسان العربي , فإني مازلتُ لا أفهمُ القصد من التكرار هذا ,
حول موضوع واحد معلوم الحكم فيه ! وأذا تركنا مسألة ذكورية الكتاب الواضحة التي نكابر أحياناً في نفيها لسبب لا أدريه , وجد تني أمام جملة أجوبة متناقضة لجملة أسئلة تطرحها الحياة اليومية بألحاح , من قبيل إيهما أسوء الأستبداد أم الأستعمار ؟
فأن قلت : الأستبداد , فلما ذا مقاومة الإحتلال الأمريكي في العراق ؟
الذي لولاه لِمَ انهار المستبد هناك ولا بعد مئة عام ؟
وان قلت : ـــ نار أخي ولا جنة الغريب ـــــ فماذا نفعل بنصوص الكتاب , في رفع الظلم ومحاربة الظالمين ,
وأبقى أجتر حيرتي وانا أبحث عن الأسباب الترجيحية في كتب التراث , وأقول رحم الله صالحي نجف آبادي , فقد كان يا ئساً من عودة الإسلام الأول ,
وكان يدرك لعبة توظيف المصطلحات بعد تحريفها , ولعبة التفكير المزدوج ,
الغرب كان يحلم مثلنا في إرساء الديمقراطية في العراق والمنطقة , لكنه أخطأ التقدير حين عمل بنيات حسنه , فاتحاً المجال لنمط من الحكم الديني المتطرف المتشدد , الذي لا يختلف في كثير من قضاياه واعماله عن حكومة الملا عمر والخميني , لتعود الحكاية من أولها !
لازلتُ أبحثُ عن إسلام بلا خناجر ومن دون سكاكين التحريف لغايات طائفية حيناً , عشائريه حيناً , سلطوية دائماً , لازلتُ أبحثُ عن الكتاب مجرداً من إسقاطات أهل التراث ورجال المؤسسات , كتاباً يُقرأ لبيان دلالته وليس لبيان بُنيته القواعديه المُعجمية , كتاباً أبحثُ فيه عن الحق بعيداً عن التلفيقُ والمحفوظات الفقهية المبرمجة سلفاً ,
تابعت خلال الفتره طبيعة الخطب والعظات التي يلقيها رجال دين من عصر ــــ داحس والغبراء ـــــ يُلقنون الناس تعاليم الإسلام التاريخي , ودروساً في النياحة , فإمام المسجد في واشنطن ولندن وباريس تُترجم خُطبه الإسلامية التاريخية إلى لغة أهل الغرب ,
فتصوروا معي كيف يكون الفهمُ للإسلام , فهو إن كان سنياً فهو يكفر لهم الشيعة وإن كان شيعياً فهو يكفر لهم أهل السنة ,
وهو في كلا الحالين يرى اللذين يعيش عندهم من أهل الغرب كفاراً مخلدين في النار ,
وتصوروا معي كيف يكون التعايش وكيف تكون المصالحة وكيف يكون الدين السوي ؟ ؟ ؟
أعتقد إن تاريخ الإنسانية لم يرى قوماً مثلنا في فصام الشخصية والتفكير المزدوج وجمع المتناقضات ,
وإلا فهل سمعنا في الغرب عن شيعي شيوعي مثلاً ؟
لكن عندنا من هذا الصنف الكثير من يدعي الشيوعية ويفكر وكانه مهدوي اليقين بتعصبه ,
ثمة مسألة أخرى يجب التنويه إليها , أ لا وهي هذا الإنتحار الذي يباركه فقهاء ورجال دين من مدرسة الإسلام الحديث , هذا الإنتحار الذي يقتل الناس الأبرياء في الطرقات ويسمون هذا القتل عمليات إستشهادية ,
هذه العمليات التي تقتل عباد الله تحت بند لا إله إلا الله في بئورنا المتوتره والأكثر عنفاً في العالم , وستجدون بعد التدقيق أن رجال المؤسسات الدينية من وراء هؤلاء يباركون ويهبون لهم صكوك العبور إلى الجنة ,
هذه نجدها في الشرق الأوسط وفي إندنوسيا وفي الصومال والسودان والشيشان , ونجدها في العراق اليوم الذي صار حاله كما قال مظفر النواب الشاعر يوماً :
مازلنا نمسح بالخرقة حد السيف .
مازلنا نتحجج بالبرد وحر الصيف .
مازال أبو سفيان بلحيته الصفراء .
يؤلب با سم اللات العصبيات القبلية .
مازالت شورى التجار ترى عثمان خليفتها .
وتراك زعيم السوقيه .
لوجئت اليوم لأنكرك الداعون إليك .
وسموك شيوعياً .
|