لقد سبق لنا في - الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي - ان أوضحنا رأينا في مسألة الحرية ، وفي مسألة النظام الديمقراطي ، وفي شكل الحكم الواجب تبنيه في العراق وفي المنطقة ، وقلنا : إن شعبنا في العراق هو شعب واعي ، ومتفهم لطبيعة التحولات ، التي جرت والتي ستجري ، وهو واثق من إن النظام الليبرالي الديمقراطي ، هو الصيغة الأكثر ملائمة وموائمة لحياته في حاضره وفي مستقبله .
والحزب يرى في ذلك : بان ماهو قائم بالفعل في العراق ، سبب رئيسي في تأخر وتفتت العراق وشعبه ، فالصيغة الموجودة أو التوليفة في الحكم قد دمرت البناء ، وقضت على الحريات ، وعمقت جراحات الشعب ، تحت ذريعة حماية أو سيادة القانون ، وها نحن على أعتاب مرور ما يقرب من الستة أعوام على تاسيس النظام الجديد ، لكن شيئاً لم يتغير بالفعل ، بل زادت حدة التناقضات في عقل ووجدان الشعب ، لهذا ترآنا مضطرين للإعلان عن الطبيعة الغير صالحة للتعامل في العراق في ظل هذا الواقع ،
[ فخلق التناقض المجتمعي ، والعمل على أساس ذلك يهدد كيان العراق ] ، فالتناقض : في الأساس التكويني له يقوم على خلق الفوضى والنزاع والتنافر والقتل ، وأساس ذلك نفي الحرية ونفي الديمقراطية ، إذ لا ديمقراطية من دون حرية كما إنه لا حرية من دون ديمقراطية ، هذا التلازم مضطرد دائم الوجود دائم الصيرورة ، فالنظام الديمقراطي مهم لحياة الناس كما إن الحرية مهمة لحياة الناس ، من حيث كونهما الضمانة أو الركيزة التي على أساسها يبنى الوطن ، كما إنهما الركيزة في النهضة وفي الوعي وفي التحرر وفي التقدم .
ولابد من الإعتراف : بان ماهو سائد بالفعل في العراق اليوم ، قد أساء لمتطلبات العيش الكريم للعراقيين ، كما إنه قد أخل بما يجب ان يكون عليه حال العراق ، فتغليب المنطق الطائفي على المنطق الوطني الشعبي والاستقوى بالعشائرية ، سلوك ديماغوجي سار عليه النظام البائد ، وكان يهدف منه في ذلك [ الأستئثار والهيمنة وتزييف حركة الشعب ومايريد ] ، وفي ذلك ضرر كبير نعلمه جميعاً ، ومن يريد محاكات أو السير وفق ذلك المنهج السلوكي للنظام البائد فنهايته ستكون مثله بكل تأكيد .
إن الإخلال بطبيعة الحرية وبالديمقراطية واحد من أهم الأشياء التي تقضي على قيمة الوطن الواحد ، وستضيع جهود ودماء وعرق كل المضحين الشرفاء ، وسينعكس ذلك سلباً على روحية المواطن ، وبنفس الدرجة سيخل بمشروع التحرر الديمقراطي في المنطقة ، فتضييع قيم الديمقراطية سيؤثر سلباً على تضييع مشروع التحرر الذي بدأ مع 2003 ، وبالتالي سيشوه صورة الديمقراطية في أذهان الناس عامة .
نعم الحكومة أو مجمل النظام الحاكم مصاب بأمراض خطيرة ، تلك الأمراض كانت سبباً في تفشي الأوبئة وكثرة المستنقعات ، التي أدت إلى موت العراق حاضراً وتقسيمه مستقبلاً ، فخلق التناقض والتناحر والتآمر في العمل السياسي سبب أكيد في زيادة الإفتراق والخلاف الذي نشاهده اليوم ، وهذا بحد ذاته جريمة ضد مشروع الديمقراطية ، وما من حكم يدعي الوطنية يستطيع العيش على أساس التناقض بين مكونات الشعب الواحد ، وفي هذه القضية بالذات لا يجب الخلط في المفاهيم والإعتبارات من أجل تسويق أمر ما ، فسيادة القانون ليست ذريعة لاذلال المتحالفين ، كما إنه ليس سبباً في إذلال الشعب ولا في إفقاره ، أو جعله يدور في دائرة مغلقة همه الوحيد فيها البحث عن لقمة العيش وتوفير بعض الحاجات الضرورية ، ولم يأت هذا من فراغ بل كان نتيجة لطبيعة التركيب المفروض وعقلية المهيمنيين ، والكلام في الإعلام عن المشاركة كما هو مجرد كلام ، وإلاّ لماذا زادت الجريمة ؟ ولماذا تردى الوضع الداخلي ؟ ولماذا نشطت خلايا الجريمة والعنف والإرهاب ؟ ولماذا يسرق قوت الشعب والمساكين من أبناءه في وضح النهار ؟ .
إننا نعرف طبيعة الواقع ، ونعرف صبر الشعب ، ونعلم إنه قد ملء الشعارات والكذب والخديعة ، وهو يأمل في غد أفضل وفي حياة كريمة ، ولن يكون ذلك ممكناً من دون تحقق وبناء النظام الليبرالي الديمقراطي وسيادته ...