أكسروا الحصار عن سوريا
دعونا نعزي أخواننا في سوريا العز والكبرياء ، بما جرى من كارثة وألم أصابنا جميعاً في مقتل ، ودعونا نرفع الأكف ليحمي المتعالي القدير سوريا من هذه المحن الجرارة ، ونقولها بملء الفم لقد آن الأوآن لكسر الحصار التعيس و الجائر من على سوريا وشعبها العزيز ، وقولنا هذا نوجهه لجميع الدول العربية والإسلامية وشعوبها أولاً ، ولشعوب العالم الحر وحكوماته ثانياً ، فسوريا أيها السادة تعتبت من الحروب والدمار والتعسف والجور ، وتعبت من الغدر والخيانة وسوء التصرف ، وأن السنوات الماضية كانت كافية لتخاطب الضمير الإنساني أن لا حل مع العنف والكراهية والإجبار ، وإنما الحل بفتح طرق الحياة للعيش المشترك دونما وصايات وتبعيات ، فقد نال الحصار والظلم والكيد والمخاتلة والخديعة من الجميع ، وأدى إلى سوء الحال وتردي الحياة وشظف العيش في بلد كان منارة للشرق وما حوله .
وأعيدها من واقع أليم مر : ان الشعب السوري يستحق الحياة الحرة والعيش بكرامة وعز بعيداً عن التسويف والمماطلة والكلام الممل عن الحريات والديمقراطيات وزيف الشعارات وخداع الحالمين ، فقد بانت عورات الجميع وبان نفاقهم وتعرف الشعب على كل واحد بالأسم والصفة ، ولهذا ترك الكلام في السياسة والعبث والإصغاء للفاسدين ومصاصي الدماء ، فسوريا الشعب والأرض يحتاجون اليوم لنخوة الضمير وصحوته من أبنائه ومن أبناء عموته والخيرين في محيطه والعالم ، فليس شيئاً مهماً يستحق التضحية ونكران الذات ، غير العودة إلى أحضان سوريه الأصلية ، ونبذ كل المفرقات والأهواء والأمزجة التي ما أتت إلاَّ بكل ماهو سيء وقبيح .
وإني من بعيد أشد على أيدي أولئك الرجال المخلصين الذين تفانوا في خدمة شعبهم في هذه الكارثة الكبرى وأحييهم وأدعوا الله ربي له السلامة والحفظ ، وإني أدعوا الدول العربية المقتدرة لتكون بقدر هذا التحدي ، وتفتح لسوريا وشعبها أبواب الحياة في زمن يعلم الله به كم هو قاهر وظالم ، إن الشعوب والحكومات جميعاً مدعويين لبيان مدى فعلهم الخير وقدرتهم على صنع المستقبل بروح وثابة وعزم لا يلين ، بعيداً عن ذلك العبث والتشفي الذي دار في فترات الإنقباض السود ، لقد بانت عورات ما يسمونه الربيع العربي الذي كان الظلام والظلم ، ووبان فساد المرآئيين من عبدة الدينار والدرهم ، وتكشفت عورات الثورة و ترهات وكلام الحاقدين وبائعي الذمم والضمير .
إن كارثة الزلزلال تجعلنا نعيد الحسابت مرات ومرات ، فاليوم سوريا وشعبها أحوج ما يكون إلى هبة من نوع ومن طراز متقدم غير هذا
التسويف والخطاب العاطفي ، كارثة الزلازل تعيد الحساب وتبعده عن كلام في الماضي وما أحدث من شروخ ، صنعها الجهل والتخلف والطمع الزائف من بعض المرابين والفاسدين ، دعونا جميعاً نلتمس الرحمة والرجاء ، و نعض على الجراح فحياة سوريا ومستقبلها أهم بكثير من كل كلام السياسة وعهر السياسين ، وإني واثق الأيام المقبلة ستنبئنا بشيء جديد ومختلف ، فيه خير كثير على سوريا وشعبها ، فقد بدت دول نحترمها تمد اليد بصدق لتنتشل الشعب من الغرق والفوضى ، وأعتقد أن ضمير السوريين غدى أكثر فهماً لما يدور حوله فقد تكشفت لديه كل الحيل والأحاجي التي يدسها قريب وصديق ، مما أغرى من في نفسه مرض على ما كان يفعل مما أثر على سوريا الأم والشعب .
لقد آن الأوان لكسر الحصار فلم يعد له حاجة في ظل كل هذه التداعيات ، آن الأوان لتنتصر إرادة الحق على ظلم الجائرين وأهل المصالح من المرابين والتجار من المنافقين والدجالين .
رحم الله شهداء سوريا ، وخفف الله من مصاب المجروحين ومن به مرض ، وحفظ الله سوريا وشعبها من كل طيش ..
راغب الركابي