ثمة ما يُغري في هذا العنوان ، وثمة ما يوحي ان هناك حاجة لهذا القوي ولهذا الأمين ، في بلدنا وشعبنا الذي تعب وضاقت به السبل وهو يبحث عن أمن وسلام وعيش كريم ، وبحسب المطالعة الأولى لبرنامج حكومتكم أيها الأخ عادل عبدالمهدي لا تبدو عندي هذه المعادلة واضحة وبيَّنة ويمكن الوثوق او الإعتماد عليها ، وحتى الذي يسمونها كابينة وزارية أجد فيها أكثر من خلل وأكثر من مؤاخذة وأكثر من عثرة ، هذا من حيث الشكل وأما من حيث البناء و المضمون فهناك حسب أدعياء النزاهة إن بعضاً منها عليهم اكثر من حديث وفيهم من يحتاج حقيقة إلى قراءة أوراقه من جديد .
يبدو لي إن السيد عادل عبدالمهدي كان في عجلة من أمره ، فطلب حقاً لكن رياح الطلب مالت عن الجادة ، وهنا أقول : لم أجد في كابينته من هم أهل السابقة من المعارضين وأهل الفكر ومن بيدهم المعرفة في شؤونات البلد وأهله !! ، وسوف أذكركم بظلم أهل المنطقة الخضراء السابقين لأهل مدينتنا - الرفاعي - إذ لم أجد من يمثلهم في كل وزارات العهود السابقة ، وأنتم تدرون إن أهل الرفاعي هم السابقة ممن حملوا لواء تعرية النظام السابق وقدموا في ذلك سيل من الدماء والتضحيات ، وفيهم أهل الخبرة والمعرفة وفيهم من هم أهل الحل والعقد ، ولا أظن في تناسيهم عمى ألوان لكنها محنة أهل الجنوب الطويلة مع كثرة المرابين والإنتهازيين والوصوليين .
وإن كنت ميال لعدم الكلام في أشياء يكون الداخل فيها ملعون من قبل السماء ، لكني رأيت كما يرى المتابع أن شيئاً من الإنصاف والعدالة لهم واجب وذلك يحقق شيئاً من التوازن والثقة بالمستقبل ، ولهذا تعمدت ان أضع - القوي الأمين - عنواناً لمقالتي لكي يكبح جماح من أراد لأهل الرفاعي النسيان وعدم المشاركة في صنع القرار في بلد قد حملوا رآيته وعاركوا في سبيل إعلاء كلمته ، وبحدود علمي لن يكون معنى القوي فيمن يمتلك من مؤيدين من خارج الحدود ، ولكن القوي هو من آمن بشعبه النابع من بطن الأرض غير مدنس بهوى أو مزاج لهنا أو هناك ، القوي عندي ليس بكثرة الناعقين والمطبلين من أهل المصالح وأهل الشبهات وممن تلطخت أيديهم بدماء الأزكياء ، القوي كما أعرفه هو ذلك العنصر الفعال في وسط الشعب المغلوب يكون جزءاً منه في صنعه وفي تكوينه ، ولقد كنا في الماضي نندد بكل فعل يقوم به المتهور الفاشل ، وكنا نمني النفس ان ينبلج صبح زاهر لحياة تمنيناها لشعبنا ولوطننا ، لكن ماذا تغير وماهي الصور القادرة على التغيير ؟ ، أنا ممن يقف بوجه القوة التي تأتي من خارج الحدود ، وأنا ضد القوة التي تأتي من خلال تطمينات دول ما يهمها سوى مصالحها ، وعندها يكون بيع الرجال والأوطان ثمنه بخس وزهيد جداً ، هذا عن القوة والقوي وأما عن الأمانة فأمرها متروك للأيام تحسمها على أن لا يطول بنا الإنتظار ، ومن العدل القول إن من عليهم شوائب النقصان والميل وفي ذممهم الكثير يجب مسآئلتهم الآن الآن وليس غداً .
ايها الأخ العزيز عبدالمهدي : يقولون في المثل العربي الشهير ( رحم الله من أهدى إليَّ عيوبي ) وبحسب علمي ان عيوبا شتى تخترق هذا المولود ، وكأني بحكومتكم هي مجموعة بيوتات تهيمن عليها ، وإني كطبعي الدائم التسائل والقلق على المستقبل إذ لم يبقى من العمر أكثر من الذي مضى ، فهل نرى ونحن في هذا الدنيا إن عراقنا قد تعافى ، وإن حلمنا في العدل والحرية والسلام قد تحقق ؟ ، جنبات الشارع العراقي تقول لا فلقد ملت هذه الجنبات من الشعارات والكلام الفارغ وتفاهة المنظرين ومن بيدهم المال والسلطان ، لقد تعب الشارع من كبسة الأيام وعنف التطرف وخواء الثقافة وفقدان المعرفة وشياع الوساخة حتى عادت هي المألوف .
إن ثقتي بكم لازالت كما هي ، وأملي مشبع بالرغبة لتبديل الحال إلى أحسنه ، وظني بكم كما سمعت من أصدقاء ومريدين إنكم تودون التغيير ، وبناء منظومة غير التي كانت وعليكم قسم وعهد ان تحاسبوا المفسدين ، لتبينوا كم أنتم أقوياء في عيون المحبين والأعداء ، والحساب العسير مهم ليبين للقريبين كم أنتم عازمون على تصحيح أوضاع أختلط فيها الحابل بالنابل ، حتى ( تسيد المفسدون على أهل الصلاح والإيمان ) ، أعيدوا أيها الأخ العزيز : الأمور إلى وضعها الطبيعي الذي رتبه الرب ورضاه عقلاء الناس ، وأملي أن تضعوا رسالة الأمام علي لمالك الأشتر منهاج عمل للصيانة والحفاظ والهيبة ، كن القوي الأمين لشعبكم المظلوم الذي يظن بكم كل الخير ...
راغب الركابي