الوقتأقساماخبار العراقمختارات من الثقافة التنظيميةالليبرالية والدين ـــــــ راغب الركابي
(0) الليبرالية الديمقراطية من أجل الحياة ـــ راغب الركابي(0) قضية الرسوم المسيئة للرسول مرة أخرى ـــــ راغب الركابي(0) الليبرالية الديمقراطية ...ومفهوم الوحدة(0) البرنامج الانتخابي العام(0) العدالة الإجتماعية . . . مفهوم ليبرالي ــــــ راغب الركابي(0) لماذا الليبرالية الديمقراطية ؟ ــــــ راغب الركابي(0) الليبرالية حوار بين الله والإنسان ــــ راغب الركابي(0) الليبرالية الديمقراطية والسلطة ــــ راغب الركابي(0) الميثاق العام / القانون الأساسي للحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي(0) الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية (د)(0) المسألة الكردية من وجهة نظر ( الليبرالية الديمقراطية ) ... يوسي شيخو (0) الحوار بين الليبرالية والإسلام !!(0) معالم في الطريق إلى الليبرالية الديمقراطية ـــــ راغب الركابي(0) الليبرالية العربية بين الواقع والطموح ـــــ راغب الركابي(0) الليبرالية الديمقراطية هي الحل ـــــ راغب الركابي(0) مختارات من الميثاق العام للحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي(0) الإسلام السياسي ــــــــ راغب الركابي(0) من مقالات التفسير والفكرالقرآن بين التحريف والتصحيف : ـــــــــــ آية الله الشيخ إياد الركابي
موسى النبي والعبد الصالح ــــــــ آية الله إياد الركابي في ظلال آية المحارب ــــــ الحلقة الثانية في ظلال آية المُحارب ـــــــ الحلقة الأولى الذات الإلهيّة بين العلم والعبادة ـــــــ مادونا عسكر الحراك العراقي اللبناني ـــــــــــــ راغب الركابي ثمن الحرية ـــــــــــ راغب الركابي المفهوم الإفتراضي لمعنى قوله تعالى : [ فلا أقسمُ بالخنس ، الجوار الكنس ] – التكوير 15 ، 16 العلاقة بين الفكر والسلطة ـــــــــــ راغب الركابي رسالة ملك الفرس يزدجرد* الى عمر بن الخطاب صوت أبي العلاء الاشتراكي.... إبراهيم مشاره - الخلل المفاهيمي في لغة النص : - القلب ، الفؤاد ، العقل .. الروح مثالاً |
Monday, September 20. 2004الهوية الوطنية من منظور ليبرالي
إن تيار الفكر الليبرالي يُعد من أكثر التيارات فاعلية ونشاطاً ووعياً بالمستقلات السياسية وبطبيعة الواقع ، وهو من أكثرها تجذيراً لشروط الدولة القطرية الصحيحة ، وبالتالي فهو إتجاه حضاري من اجل تدعيم وتأطير مؤسسات الدولة القطرية ، ولهذا يعتبر الفكر الليبرالي القضية الأممية تتجسد بالطبيعة الوطنية . والليبرالية تنمي وتطور لدى منتسبيها الطابع الوطني بمفهومه الحديث وتعتبر الحدود القطرية تجسيد لهذا الوطن ولذلك تلغي في وعيها الثقافي الصيغ الوحدوية الأكراهية أو القهرية والتي يميل إليها دعاة الفكر القومي بمفهومه العنصري . والليبرالية تعتبر التفكير باعادة الخلافة أو النظام الإمامي في مفهومه الواسع عمل يتنافى وروح المواطنة التي تؤكد على الانسان بما هو هو دون زوائد واضافات
ان تيار الفكر الليبرالي في حقيقته التاريخية مفهوم قُدم لصيانة الهوية الوطنية ورعاية تضاريس الدولة القطرية ونزع كل توجه من شأنه تدمير البناء الوطني الموحد ضمن واقعه الموضوعي التاريخي والجغرافي وكل ما يتعلق بتشكيله السياسي والاجتماعي .
ان مفهوم الدولة القومية أو الدينية الذي تروج له بعض القوى والحركات الراديكالية وتحمله شعاراً تعبوياً هو في واقعه مفهوم مغاير للبعد المنطقي لقيم الهوية الوطنية كما انه يغاير حركة الزمان والمكان في بعديهما النسبي والاطلاقي ، كما هما في الواقع الفلسفي فالأول يتقدر بالمثال والأين والثاني يتقدر بالذات .وهي اشراط الواقع الموضوعي المحسوس ، والاسقاط السياسي بتعميم ظاهرة الهوية مخالف لذات الهوية ولطبيعتها وللدور الذي تعيشه في الواقع الإجتماعي . ولذا فان تحديد أفق الهوية العراقية ليست عملية شاقة مهما كان عمل المخالفين لها من وجهة قومية أو دينية ، فالليبرالية توازي في حسابها بين الامكانات السياسية والاجتماعية والاقتصادية في ظل الواقع وتعتبر المنفعة الوطنية من الثروات أولوية بالنسبة للواقع القطري ، أي انها تحاول رفع درجة المنفعة من الثروات الوطنية وهذا لايمنع ابداً ان تساهم الدولة القطرية في مساعدة الدول الأخرى في المجالات الاقتصادية والخدمية وفي مجال الخبرات المدنية . ولعله من الثابت بان تربة الفكر الوطني الموحد هي الأعمق والأكثر تجذراً ، والليبرالية سوف تعزز مسيرتها بهذا الاتجاه حتى مع القوى الراديكالية ولقد أثبت التاريخ صحة المتبنيات الليبرالية في هذا الجانب ، وثبت بما لايقبل الجدل بان العنصريين والراديكاليين سيظلون يعانون من عقد الديكتاتورية والانغلاق وان متبنياتهم مصيرها الزوال وقد أثبتت الاحداث ذلك . فالهوية الوطنية للدولة القطرية أصح من كل تيارات الفكر السياسي الأخرى ، بل إنها تبين أيضاً ان الهوية الوطنية بتأثيرها العميق في العراقيين قد غدت بفعل عوامل التحرر قوة تحويل للعالم وللمنطقة جديدة وفعالة ولايستهان بها ، ولقد أبدى الوطنيين المخلصين جهداً كبيراً في سبيل تذليل صعوبات الدمج الوطني حتى مع العنصريين وأصحاب الفكر الانكساري ، وهذا التوجه من قبل الليبراليين يقنع الملايين من الوطنيين بصحة تلك التوجهات ، ولانها توجهات تمتلك مقومات في الحجية والاقناع كبيرة قوية ومؤثرة في ميادين العمل الوطني : 1 – البعد الوطني صحيح في الخطاب والبيان والرؤية والصدق في التوجهات الواقعية والنفسية . 2 – العامل الوطني عامل محفز واداة من اجل البناء والتلاحم وهو صيغة تستهدف نكران الذات فب العمل والاعتقاد والسلوك . 3 – يعتمد المذهب الوطني على الألتزام الصارم بقيم الأمة العراقية والتي نعني بها الدولة القطرية العراقية الحديثة والعمل الدؤوب على كبح جماح دعاة الأنفصال الذين يعملون من أجل بث روح الخلاف على موروثات قومية ودينية ومذهبية . وعلى هذا فان أية نظرية ذات أفق خلافي سيكون مصيرها الزوال مع التوجهات الصادقة باتجاه البناء الليبرالي . ونظرية الهوية الوطنية الليبرالية كانت من أولى النظريات الفلسفية التي أشارت إلى عمق العلاقة بين الانسان وأخية الأنسان على مر العصور وقدمت مفتاحاً لفهم الواقع الموضوعي للفرضيات الاجتماعية الحقيقة . ولهذا أي الليبرالية الوطنية ليست حزباً مقابل الاحزاب ، إنما هي فلسفة موضوعية إجتماعية تعبر هوية الوطن ومدى أرتباط افراده به ضمن قواسم مشتركة عدتها الفلسفة الليبرالية بمنظومة القيم الانسانية وأهمها – العدل والحرية والسلام – التي ينتج عنها النظريات السياسية والاقتصادية التي تعتني بتحقيق الرفاه للمواطنيين ونبذ الفئوية والظلم وكل اشكال الاستبداد والنظم الديكتاتورية المُصادرة للحقوق الطبيعية والوضعية للأنسان . ولما كانت نظرية الهوية الوطنية بالمفهوم الليبرالي تعبير عن منظومة القيم فهي بهذا اللحاظ المبنائي ليست شعاراً تعبوياً ظاهرياً بل هي توجه واقعي نحو تطوير قيم الأمة العراقية بمعناها الحديث . وعندما نتحدث عن فلسفة الليبرالية بهذا الاتجاه نحتج للدفاع عنها بما وصل إلينا من موروث ديني كقول رسول الله _ ص – [ حب الوطن من الايمان ، ومن لاوطن له لا إيمان له ] ومما قدمته لنا التجربة الحضارية لليبرالية المعاصرة ، وسنجد ان المفهوم الوطني للهوية عند الليبراليين مخالف للزعم الذي يروجه اعداء القطرية من شوفينيين وطائفيين ، فالليبراليون ينبذون التقسيم المناطقي حسب الثقافة المحلية لسانية كانت أو دينية وهم بذلك ينبذون التفرقة والخلاف والتشرذم في الجسد الوطني الواحد . الأيديولوجيا والوطنية تأتي لفظة الأيديولوجيا المركبة من { أيده + لوجيا } لترسخ في الذهن ذلك المعنى المتداول للعقيدة وعلمها ومحتوى التفكير ، لذلك يرى بعض الباحثين الليبراليين ان للفظة معنيين اصطلاحيين أحدهما أعم من الأخر : الأول : يعني جملة النظام الفكري والعقيدي . الثاني : يختص بالنظام الفكري المُحدد لشكل وطبيعة السلوك الانساني . وهي بهذا اللحاظ قد تبدو وكأنها أداة دمج وطني متعدد الأبعاد ، إذ يمكن من خلالها تحويل المفهوم العلمي للفكر الانساني إلى أداة للفكر الوطني ويكون هو عاكس لها . والايديولوجيا حسب المفهوم الليبرالي لاتلغي النشاط الوطني بل تعطيه زخماً وحيوية من خلال تمسكها بمبدأ العمل الصالح لكل الوطن وهذا ماتعلنه عن مفهومها عن جملة النظام المعرفي والفكري ، أعني ان الإيديولوجيا تعمم النسق المعرفي للمفهوم الليبرالي عن قضية الهوية الوطنية ن فهو تحاول التنسيق والتكامل بين النظرة الفلسفية والخلاقية والنظرة السياسية والاجتماعية لمفهوم الوطن الواحد . وبما أننا عرفنا الليبرالية باعتبارها صيرورة إجتماعية هدفها صيانة الانسان وحماية نظامه الفكري والاجتماعي والسلوكي وهذه عند الليبرالية قضية واقعية موضوعية يثلتزم بها من خلال الالتزام بمنظومة القيم . فالوطنية في بعدها الليبرالي تتفق مع الايديولوجيا ككونها نزوع من اجل تحقيق الأمن والرفاهية للمواطن بل لكل كائن مخلوق ن وعدم الاتفاق إنما ينشئ من سلوك بعض المدارس الفكرية التي تلغي الأخر بحجة مخالفته لللايديولجيا بمعناها الديني ، وهذا التصور سياسي محض وليس فكرياً أوعلمياً ، وربما مدارس الفكر الديني عاشت المحنة نفسها ضد جماعات وطوائف تنتمي إلى الدين نفسه ، فمحاكم التفتيش الديني في أوربا ودواوين الزندقه في العصر الأموي والعباسي ضد المختلفين شاهد على ذلك . وهذا الواقع ليس حالاً تأريخياً وحسب بل ان الفرق الدينية السياسية وغيرها تمارس عملية الجز التاريخي من خلال المسوغ الايديولوجيا أو العقيدة حسب مسماهم . إن الراديكاليين ولعدم إقتناعهم وإيمانهم بمبدأ الحوار يلجئون للقول بالتعارض بين الإيديولوجيا والوطنية ، فالحوار هو الذي يقرب بين المفترقين ولكن المتطرفيين ونتيجة لأحساسهم بالعجز السياسي والإجتماعي يلغون الحوار بحجة دواعي الحفاظ على الهوية الدينية التي يتعرض لها العلمانيين ، أي إنهم في الحقيقة يغلبون الذاتي على الموضوعي والتغليب منشؤه اعتبارات آنية وحسابات خاطئة محصورة في زاوية الحرص على الذات وهوحرص غير علمي وغير واقعي لأنه لايساعد في عملية البحث عن الذات بطريقة موضوعية ، طريقة من شأنها كسر حواجز الأنا التي تساهم في عملية التمدد الفكري باتجاه الأخر ودعوته للحق الذي يؤمن به . ومبدأ الحوار بحد ذاته مرغوب به دينياً حتى ان الله جل شأنه حاور ابليس على قاعدة رفض الأنا الذاتي ولم يكن في ذلك يقدم لنا ترفاً فكرياً أو أدبياً وإنما كان تعليماً وتدريباً للجميع باعتبار الحوار في نفسه مقدساً ، والليبرالية تعتبر الحوار الركيزة التي يقام عليها بناء المجتمع وهو الذي يؤسس للديمقراطية وللحياة الحرة الكريمة ، وإيمان الليبرالي بالحوار ثابت وعلم ويستهدف ملاحقة كل ما من شأنه ان يطور النظم الحياتية عامة . الحوار الوطني من اجل الهوية الحوار بمفهومه المعرفي الإيبستيمولوجي هو رسالة الإنسان مع أخيه الإنسان ، رسالة يلتقي عليها التعدد والاختلاف وإحياناً المناقضة ، والوطني ان لم يكن همه الحوار مع غيره في القبول والرفض لن يستطيع ان يؤدي رسالته الوطنية في البناء والإعمار وكذا في مجمل قضايا الاصلاح الوطني . ومن هنا نجد ان الليبراليين قد تنبهوا إلى إهمية ذلك فزادوه خبرة وتجبرة وممارسة في العمل الوطني العام ، ولعل التاريخ يحدثنا عن شخصية أرتبط إسمها بمفاهيم الجدل والحوار من خلال رفضه لمقولة عدالة الصحابة وتقديسهم قائلاً في معرض رده على مخالفيه : ( هم رجال ونحن رجال ) وهي عبارة تجسد طبيعة الفكر الليبرالي الفطري في مكونات الإنسان الطبيعي ، وعند الليبراليين الديمقراطيين تتجسد فكرة الحوار عن كل شيء وحول كل شيء ، وهو تجسيد له ماضٍ تاريخي وتراثي يظهر ذلك بكلمة علي – ع – عن تفكيك اللبس الذي وقع به غير واحد عن أحقية حربه مع أم المؤمنيين بقوله : ( إعرف الحق تعرف أهله لاعرف الحق بالرجال ) وهوتنبيه إلى ضرورة رد فكرة التقديس الأعمى الذي تمارسه بعض التيارات والمدارس تجاه رموزها . والحوار يلغي مبدأ التقديم والتأخير الذي صنعه زمن الانحطاط ويمكن إعتبار الحوار ركيزة هامة في علاج كل حالات العسر السلوكي والمعاملاتي بل ويمكن جره ليشمل كل قضايا الذكر والأنثى ، والحوار في لغة الليبرالي عملية كشف واستدراج كلي للعلاقة بين القانون والحياة ودور المرأة فيه التي غيبها عجز النظم الشمولية والراديكالية الدينية القبلية التي قزمت من قدرات المرأة والتزاماتها التاريخية والوطنية . إذن الحوار الوطني يلزمه حول في مفاصل وهياكل الدولة ولايجوز بحال تطبيق النظم التاريخية في نظرتها لمفهوم الحرية والمواطنة على زمننا الراهن فذلك إجحاف بحق عناصر القوة التي تصنع الوطن ، ومنها فكرة صلاحيات المرأة وحقها في أعلى المناصب القيادية الوطنية مدنية كانت أو عسكرية ، والقبول بذلك شرطه بل مقدمته تفعيل دور الحوار الوطني ، على ان يكون حواراً شاملاً ويعبر عن كل الإتجاهات الثقافية والأثنية والمذهبية ، حوار هدفه تحقيق مكونات الهوية الوطنية على ان لايكون مسبوقاً بمقدسات أو أحقيات إنما حوار من اجل الوصول إلى الوطن القطري الواحد ذو الثقافات المحلية المتنوعة ، حوار يعزز الأنتماء للوطن يُمنع فيه الصهر القهري والضم الإكراهي والسماح للكل بممارسة ما يعتقدون بحرية تامة مصانة بالقانون حرية في الثقافة المحلية وإعتقاداتها التي لاتلغي الأخر ولاتنال من أفكاره ومعارفه المحلية . وإذا كنا نتحدث عن ذلك فاننا ننطلق من الصور التي نسمعها ونشاهدها عبر إعلام مدارس الظل والقوى التقليدية والاحزاب ذات الرؤية الشوفينية الضيقة والفكر الطائفي الفرقي الذي يقسم الوطن حسب مبدأ الولاء والبراء الديني والقبلي . الحوار الوطني من اجل الهوية عامل حاسم في البناء والنهوض من جديد وذلك هو حلم كل العراقيين دعاة الانفتاح والتحرر والديمقراطية ، ولأنه كذلك أمنا بالحوار حتى في قضايا تاريخية وتراثية كمفهوم الحكومة الدينية الذي تروجه الاحزاب والحركات ذات الطابع الديني السياسي ، خاصة وان القرآن الكريم نبذ فكرة التمسك بتجربة من مضى معتبراً ذلك شأن قد ولى : { تلك أمة قد خلت } فلايجب إعتبار ما انجزته نهاية العالم بحيث يلزمه إدخال الناس للتقدم عبره لأن ذلك مخالف للموضوعية ، إذا كان الحوار هدفه تشكيل رؤية جديدة وقناعة جديدة بوطن مختلف مغاير وجديد . الهوية والموقف من قضايا التراث لابد أولاً من التذكير الذي يتبناه الليبراليون الديمقراطيون عن التراث ، إّذ هم يرون ان عصرنة التراث أي جعل قضاياه منسجمة مع حركة العصر ولغته الثقافية والفكرية أمر مهم ولازم ، والتراث لايجب النظر إليه كوحدة واحدة بل يجب النظر إليه من خلال موضوعاته ، التي ليست كلها على نسق واحد ودقة واحدة واهمية ، فعملية الأستئناس بما صح من التراث يلتزم به معظم الليبراليون أي إنهم يعطون للصحيح منه درجة من القوة تأتي بعد نظرتهم للواقع والحكم عليه إيجاباً أو سلباً وهنا تكمن فكرة النضوج لدى الليبراليين إزاء قدرة التراث في المشاركة مع قضايا العصر . إذا إعتبرنا هذه المقدمة قاعدة أولية في تأسيس الفهم للماضي وعناصر فعله فهذا قد يسهل مهمة الليبرالي في بناء الوطن على قاعدة عريضة ، بل هو الأمل ببناء وطن يمتلك الحد الأدنى من الشعور بالوطن الواحد ، ولايتم هذا من دون ترسيخ قانوني لما يحتاجه الوطن من ضرورات في مجال البناء الوحدوي القطري . وهذا عند الليبراليين الديمقراطيين يتعلق بالكيفية التي يتم بها إختراق الفكر التراثي المحافظ والمتطرف ذي الصبغة التقليدية في تفسير الحياة والكون ، ولكن يجب التنبيه إلى ان هذا الاختراق لايعني الإلغاء الفوري لكل التجاوزات والأخطاء التراثية والمعمول بها عرفاً كتقاليد يجري ممارستها من دون معرفة وجه الحق فيها . والبحث عن الهوية الوطنية يجب ان يركز على عناصر التطور الاجتماعي والحاجة إلى إجراء تغيير في قضايا السلوك والمعتقد التي هي موروثات تاريخية لاتستند إلى حقايق معرفية ، والتغيير يجب ان يتركز على الجوانب التي تحد من نشاط وفعل الوطنيين في التنمية والاعمار ، مستفيداً من الرؤية النفسية للخل في قضايا الوطن ووحدته . فالذي لايقبل الجدل ان الانتقال إلى طور المجتمع الوطني الواحد ذي الخصائص والأبعاد السلوكية والنفسية الوطنية هو إنتقال إلى حدود مجتمع الإرادة والأختيار . فالمجتمع الموحد وطنياً يؤمن بمبادئ الدستور ومنظومة القيم في العدل والحرية والسلام ، ويؤمن بالتكامل السياسي والاجتماعي المدني ، وهو مجتمع يوفق بين قضايا القانون وقيم الاخلاق . وصيغة ذلك يقيناً لاتنتزع من الشعارات السياسية التي لاتوفق بين الواقع والطموح والتي تستخدمها القوى المعادية للهوية الوطنية الجديدة ، فالتوظيف الخاطئ لقيم صحيحة في نفسها يؤدي للوقوع في المحذور في قضايا الوطن المصيرية . البنية السياسية لمشروع الهوية الوطنية النظرية الوطنية التي يقول بها الليبراليون تقوم عل الوحدة والتعاون في مجال العمل الوطني ، فالوحدة كفلسفة ليبرالية هي شعور قيمي وإخلاقي يتعدى فكرة التنظير الطوباوي ليواجه الأزمة الفعلية للواقع الوطني وحاجات المجتمع اليومية ، والليبرالية باعتبارها صاحبة تركز على الجوانب الأكثر إلحاحاً وتصدياً للوجود الوطني ككل ، فهي تعالج قضايا التعددية في إطار رفض السلبية وعدم الأعتراف بالأخر فاذا تمّ هذا تبنت التعددية كمنهج لبيان طريق الوحدة . كذلك تعالج الليبرالية حالات التمزق التي تثار من الداخل والخارج وتعالج حالات التدني والضعف التي نعيشها من التركيز على أهمية فتح مجالات العمل وكسب المعرفة وامتلاك القوة في حالتي العدة والعدد . من هنا فالمشروع الوطني في بنيته السياسية لابد ان يكون القاعدة في رفض الظلم والتعدي والجريمة والفقر والفاقة والمرض والجوع والألم والاضطهاد والخوف ،فالمشروع الوطني سياسياً يعالج حالات مستعصية يعيشها الوطن ويحاول جاهداً حلها موضوعياً وواقعياً ، ومعلوم ان وجود تلك الحلات مكنت قوى الظلام من سحق إرادة الوطن والانتفاع اللامشروع من إمكاناته وخيراته وأغتصاب حقوقه ووجوده الحضاري . والليبرالية مهمتها التنبية إلى هذا وذاك وتحليل طبيعة التعاقب السياسي الديكتاتوري على النهب في صور متعددة : 1 – إعتماد الحلول ذات الطابع العنفي فيكون ذلك سبباً مباشراً لوضع المجتمع تحت ظل الاستغلال والنهب . 2 – هيمنت القوى الدكتاتورية والتي اهدرت طاقة الوطن بممارسات فردانية بشعة وظالمة 3 – تفكيك البنية الاقتصادية والثقافية والفنية والتربوية والتعليمية على نحو اهدر قيم الوطن والمواطنة ، والتوجه بشراسة لانتاج وسائل غير لازمة اثرت على زوال البنية التحتية للوطن تماماً . 4 – زرع بذور الخلاف والفئوية والطائفية السياسية والدينية ةتدمير القوميات المتاخية بكل وسائل التدمير العسكري واسلحة التدمير الشامل وفتح ابواب الوطن للمقابر الجماعية . ان مسائل الضم والجز والالحاق القهري كانت اسس بناء النظام الشمولي لدولة البعث ، ولذا فان مهمة الوطنيين الليبراليين التغلب على هذه الصور التي فتكت بالوطن الواحد من خلال تقديم الحلول التي تخدم مصلحة الوطن القطري الواحد والمجتمع القطري الواحد للأمة العراقية الجديدة ، وتوظيف كل عناصر القدرة في البناء والتنمية والاستقرار والتقدم ، ومكافحة الجهل وعدم الشعور بالواجب والمسؤولية الوطنية والتخلف والبيروقراطية والنزعات المحلية والفئوية والحزبية الضيقة . فالفكر الليبرالي يستوعب ضرورةً جميع أوجه هذه السياسة وقبل كل شيء يستوعب تلك النواحي المرتبطة بنشاطات المجتمع وسلوكه السياسي في ظروف مختلفة . ذلك لأن الليبرالية تحلل أوجه النشاط الاجتماعي والشعبي من واقع التجربة أي من داخل منظومتها ومكوناتها وأدوات تشكيلها . وهذا التحليل تقدمه الليبرالية في بحثها عن مكونات الهوية من خلال جملة الافكار والقوانين الاجتماعية والمفاهيم العلمية الملامسة لأوجه التطور الاجتماعي عبر التالي : 1 – تكوين سمات للهوية الوطنية ثقافياً وسياسياً واجتماعياً واقتصادياً وتعليمياً وتربوياً . 2 – التعرف على الطرق والوسائل الصحيحة في التنظيم الاجتماعي والسياسي والاقتصادي وغيره . 3 – مراقبة السلوك العام وتنظيم ذلك عبر الوسائل العلمية الحديثة . 4 – الاشراف على وسائل السلوك السياسي من خلال الضبط القانوني الذي يستهدف الجميع . وإذا جرى هذا وفق المنهج الليبرالي الحديث فانه سينتج جملة من المفاهيم والتصورات التي تخدم البناء الوطني ، من خلال الاستيعاب التام لكل القوى والتيارات ، فالليبرالية تؤمن بان ليس في العالم وجود موضوعي يستطيع ويقبل العيش على طول الخط في حالة توتر دائم ، فعناصر التوتر حسب الفكر الليبرالي ذاتها ستحكم على هذا الوجود بالزوال والفناء ، والليبرالي الفرد هو وطني بالضرورة ولذلك فهو يؤدي دورا مزدوجاً في المسرح الاجتماعي والسياسي والثقافي في النظرية والتطبيق ، مما يشكل لديه دائماً شعورا طبيعياً فطرياً على حب الخير والتزام جانب الوحدة والتعاون من اجل تنظيم اجتماعي راق . النظريات العامة في تكوين الهوية الوطنية لقد طرحت أنماط من النظريات حول التكوين الوطني منها : أولاً : النظرية العامة والتي يجري الكلام عنها في المناسبات العامة والاحتفالات والالعاب والنشاطات البروتوكولية ، وهي تفسير بسيط للواقع الاجتماعي ولحاجاته بحيث تصف الوطنية للمواطن بالصيغة العامة بدون أية تحليلات في مجال الفكر الاجتماعي والسياسي والثقافي لظروف التعددية والاختلاف وعدم الشعور بالمسؤولية تجاه قضايا الوطن المصيرية . وهذه النظرية لاتحاول الخوض في مجال الدفاع الوطني إلآّ من حيث الشعار والخطب المفرغة من محتواها القيمي والمعرفي الملامس لحاجات المجتمع ، وهي إيضاً لاتعلن عن الاخطاء التي تخالف طبيعة التشكيل الوطني ، فلازال القائلين بها تسيرهم سلطة الافكار الماضوية التاريخانية ولاتنظر إلى طبيعة المتغير في الواقع الحاضر ، ولازال العمل جارياً بمقتضى الفكر الشمولي للدولة ونبذها لمبدأ الفدرالية الأدارية التي هي المفتاح لحل المعضل في الدولة القطرية وكيفية الانتقال إلى اللامركزية الادارية في إدارة الدولة . والنظرية العامة هي نتاج مرحلة سلطة الفكر الاحادي الديني والقومي . ثانياً : النظرية الخاصة هذه النظرية هي الأكثر تحديداً لملامح وسمات الفكر الوطني ، لأنها نظرية أعتنت بالكشف عن الاسباب والعوامل التي باعدت بين المواطن والوطن ، وهي تحاول جاهدة تسليط الضوء عليها معتمدة على طريقتي الكشف البرهاني الرياضي والاستقرائي المنطقي وهي النظرية التي تعتمدها الفلسفة الليبرالية في مجال البحث القانوني والطبيعي ، ومهمتها الكشف عن مكامن الاختلاف والافتراق المجتمعي ومحاولة الجمع فيه ، وهي تحاول علمنة الأوراق الوطنية التاريخية والمعاصرة ، وتعتبر الليبرالية الإيمان بهذه النظرية الموضوعية والحياد والشعور بالمسؤولية الوطنية والاخلاقية ، والبعد ما أمكن عن التطير والحماقة وإسقاطات الشوفينيين والراديكاليين وما هو سائد في فكر الفئويين السياسين والطائفيين ، وهي النظرية التي قدمتها الليبرالية في باب البحث عن خطاب الوحدة والتعاون الاجتماعي لمصلحة الوطن . ثالثاً : النظرية الثالثة والتي تبناها بعض علماء الاجتماع وبعض الساسة ، تنحو بالفرد منحى الافتراض في الصيرورة الالزامية المدعومة من قوى غقتصادية وسياسية وإجتماعية معينة ، كقوى ضاغطة فارضة مبدأ الأمر الواقع الذي لايجوز الخروج عليه وعنه ، وهذا النوع تبنته دكتاتورية البروليتاريا وبعض الطغات المحليين وبعض السلطات الدينية الرسمية ذات التفويض المرجعي ، أو إنها تفرض عبر القمع بحجة الأخطار العدوانية من الخارج وحالات التمرد الداخلي مع ضغوطات إعلامية مكثفة . والليبرالية ترفض فكرة أو مفهوم صيرورة المواطن وطنياً بالأكراه أو عبر عمليات الجبر التاريخي والسياسي والكلامي ، ولكنها تؤمن بمفهوم الصيرورة تلك ضمن قواسم العمل السياسي المشترك ، كقضية الديمقراطية والعدالة والحرية والسلام والاستقلال . والليبرالية في ذلك لاتحتاج إلى مبررات عاطفية ونفسية كما تحاول بعض التجمعات في دعوتها للتشكيل الوطني على اساس عاطفي ، بل ان الليبرالية تحتم العملية على اساس قوانين الحرية والاختيار لدى الفرد المواطن والمجتمع الوطني على حدٍ سواء . مفهوم الفكر الوطني ان التفكير بمصير الوطن العراقي ومصير الشعب والمجتمع والدولة العراقية بعد التحرير ، يجعلنا نفكر بأهمية تكوين عقل عراقي وطني جديد ، ونعتبر ذلك جزء من التكوين الاجتماعي للعراقيين عموماً ، ويلزم ذلك تعزيز الفكر بجملة إجراءات وممارسات هدفها صيانة العقل العراقي من ضغوطات ومكونات الظلم والتفكير به . والليبرالية تنطلق في ذلك من فهمها لطبيعة المكون التاريخي والموضوعي للعقل العراقي في بنيته الشعورية وإحساسه بالوطنية كقيمة وجودية لاغنى عنها ، ولكن لابد من الاعتراف بان الجزء العقلي لدى العراقي تخلقه التربية من الظواهر الاجتماعية الفعلية ومدى الاستجابة والرفض لها ، وهذه لاتمر إلآّ من خلال بوابة الوعي المتشكل بفعل الازدواج بين العقل والطبيعة والتي ينشأ بفعلهما مجموعة القيم التي تمارس كلون من ألوان التأثير الدائم على الوجود الطبيعي الاجتماعي ، وهذا كما يقول عنه فلاسفة النهضة الاوربية : يرتبط بالبنية الفوقية للمجتمع - وعنصر الجمع بين ما هو عقلي وما هو طبيعي هو عنصر الوطن المنبثق من العقل الطبيعي والمستهدف تغيير العوامل التي تبني وتفكك الاجتماع الوطني والعمل على تحقيق كماله وسعادته . ان الوعي بالفكر الوطني هو انعكاس للوعي بحاجة المواطن إلى قواعد الاستقرار والبناء والتعرية ، وعندما نقول ذلك فانه يعني ان الفكر الوطني يجب ان يستنبط من واقع الوطن وحاجات المواطن الحالية والمستقبلية ، كذلك فان ميدان الفكر الوطني يتكون من الافكار والامزجة والمشاعر والتصورات التي تظهر للمواطن نفسه ، في تتبعه لحركة التطور في سياق التجربة الانسانية اليومية ، فالفكر الوطني هو تجمع لكل الأفكار الوطنية في وحدة واحدة مباشرة سياسية أو اخلاقية أو جمالية أو غير ذلك بدون تمايز ، لأنها في الحقيقة عبارة عن مجموعة الآراء المتشابكة فيما بينها تشابكاً وثيقاً ، فلا تكون مدركة بوضوح على الدوام عند العامة . وعليه يمكن القول بان الفكر الوطني هو بحقيقته نظام الفكر الليبرالي ، أي هو نظام الفكر الاجتماعي المدني الذي يعمل للخلاص من ظلم الطبقية والاستبداد والطغيان ، وهو بذلك يعبر كما في كل مرة عن منظومة القيم التي تستهدف الوعي الوطني وطريقة تحليل وتفسير الظواهر والخلفيلت التاريخية الدينية والقومية وغيرها . المفهوم الليبرالي للمشروع الوطني يلعب المشروع الليبرالي الوطني الذي يطرحه الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي دوراً لابأس به في عملية الاصلاح والتغيير ، ويتحدد هذا بعدة عوامل غير ان العامل الاجتماعي هو العامل الحاسم ، وان هذا العامل يؤثر وبنسبة كبيرة للغاية بتغيير مناهج علم الاجتماع السياسي التي تتحكم بقضايا السلطة والحكم . إننا نعترف بان البناء الاجتماعي هو الأكثر أهمية لانه يرتبط بالجدل الدائر بين مفهومي الارهاب والحرية ، والاستخدام السيء للمصطلح اللغوي في تحقيق العدالة ونيل الحرية ، فالأرهاب خلط بين الحرية والظلم أي انه استخدم العنف طريقاً للحرية وهذه هي الخطورة التي يعاني منها المجتمع الدولي عامة . ويجب الاعتراف بان المفهوم الليبرالي في هذه القضية يتميز بانه إتجاه : 1 – ذاتي . 2 – موضوعي . فالجانب الذاتي ليس سوى الألتزام بمبادئ ومقومات الوطن ، ونعني بذلك إيمان الليبرالية بوحدة الوطن والإلتزام بقوانينه ورفض النظم الديكتاتورية ، والإيمان بالقيادة الوطنية المنتخبة إنتخاباً حراً وديمقراطياً ، ورفض مبدأ تغيير النظم السياسية والاجتماعية عبر الانقلابات المحلية ، والإيمان بحق الشعب في إختيار ممثليه في المجالس الوطنية كافة ، والتأكيد على أهمية العلاقة بين القيادة الوطنية المنتخبة والشعب ، على ان يكون شكل وهيكل ذلك يقوم على أساس الولاء للوطن وخدمة المواطن . ورفض الاتجاهات ذات الطابع الشمولي الذي تمارسه بعض التيارات وإعتمادها على العنف في تحقيق مطالبها ، واما ما يتعلق بالجانب الموضوعي : فيتم التعبير عنه بطريقة الانتخاب الحر الواعي في مجال تجميع طاقات الوطن الاجتماعية والفكرية والثقافية ، والعمل على تأصيل المشروع الوطني وتهيئة الكادر المناسب في مجال الخبرة العملية لزيادة مفاهيم الولاء للوطن ، وتعميم الدراسات التي تعمق الوعي بالحرية كقيمة ، والتأكيد على الوفاق في العمل الوطني خاصة في المجالات التي يكثر الاجتهاد بها ، وتاسيس مجموعة من المراكز المتخصصة التي ترفد العمل الوطني بكل ما من شأنه تقوية حزام الوطن داخلياً ، والقضاء على الترسبات الديكتاتورية من خلال إيجاد طرق علمية في الحلّ قائمة على المبادئ الديناميكية العملية في تطور المجتمع وتطويره ، وتبني المشروع الليبرالي الوطني على اسس علمية موضوعية وواقعية ، ونبذ كل محاولة تستهدف إعاقة إتمام عملية النهوض والبناء والاعمار ، وتبني الجانب الحيادي في مجال العلاقات الدولية ، ورفض المساومة على الوطن ولاإتخاذ شعارات تحريضية ضد الجيران في المنطقة والأقليم والعمل على تذويب جليد الماضي ورفض فكرة كون العراق درع للأمة العربية كما كان يروجه إعلام البعث المقبور ، فالعراق يجب ان ينشغل بقضاياه وترك القضايا الأخرى كلاً لأهلها ، فأهل مكة ادرى بشعابها ، والتأكيد على السلام باعتباره قيمة وطنية وأخلاقية نافعة للعراق القطر ومفيدة للعراق الدولة في هيكل المنطقة والاقليم ، وإعتبار العدالة في المشروع قيمة وخط ومنهج حكم وإدارة وتنمية . ويجب جعل هذا المشروع كنظام مفاهيمي مبرمج في الفكر والعلم والحياة والاجتماع والسياسة والثقافة ، وفي هذا تصبح الوطنية في الفكر الليبرالي هي وحدة ما هو ذاتي وما هو موضوعي . ومن هنا يتميز المشروع الليبرالي الوطني عن غيره ، بانه عبارة عن موقف ذاتي يحدد الطبيعة الواعية للحاجة وللمصلحة الاجتماعية ، ولعل المفهوم الوطني المعاصر مدين لما يقدمه الفكر الليبرالي في مجال الضمان الاجتماعي والتعليم والصحة ورعاية الطفل والمرأة ، وفيه تظهر قيم الليبرالية وسعيها الدؤوب لرفع الظلم من على الناس كافة وتبنيها للخيار الديمقراطي حلاً لمشكل الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي وغيره وهذا يعني كون الليبرالية الأكثر وعياً للحاجة الاجتماعية والسياسية القطرية والاقليمية والدولية . إذن فالمشروع الليبرالي الوطني ينطلق من إدراك للبعد الأنساني والكوني للحياة ضمن ترابط عضوي مصيري حيوي وبما ان الذاتي يحمل فيه عنصر الديمومة فهو لذلك يفرض موقفاً شمولياً تجاه كل عملية تفريق أوخلاف لأنه يربط كل ذلك باصل العدالة حتى صارت أهم خصائصه هو التحرك مع وكل في سبيل الحفاظ على الوحدة ضد كل النزوعات الضيقة مذهبية كانت أو عرقية أو بيئية أو سياسية . وهو لذلك صار مشروعاً واجب الاجراء لأنه يستهدف تحرير المواطن ورفعة إلى مستوى قبول التحدي ، يظهر ذلك في ديباجة الميثاق للحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي ورؤيته السياسية للوضع في العراق والمنطقة . ان تأثير المشروع الليبرالي في التكامل الوطني أمر لاريب فيه ، ولكن يجب ان نعترف انه يلاقي جملة مصاعب في التنفيذ فالتفريق بين كون المشروع لايقدم المجتمع على انه نظام طبقي أو بوصفه نظاماً هيغلياً بل لانه يقدم المشروع على اساس الاعتراف المطلق بأصالة المجتمع ، فالذي تتبناه الليبرالية المحدثة هو الميل بالمشروع إلى نظام العدل الاجتماعي الذي يقدم المجتمع والوطن في كافة مجالات الحياة وحفظ التوازن بين الأصالة والمعاصرة من خلال نظام الحريات الشمولي ، وهذا ما يجعل الليبرالية الخيار الموضوعي النهائي للمجتمعات الطامحة نحو التقدم والتطور . إذن فالمشروع الليبرالي مشروع إنساني يهدف إلى ربط الانسان بالقانون وضبط ذلك بالحرية والعدالة والسلام . النظريات المحددة للهوية الوطنية هناك جملة من النظريات ذات البعد الاجتماعي في مجال الدراسات الحديثة المتعلقة بنشأة الهوية الوطنية منها على سبيل المثال لاالجرد مايلي : 1 – العامل الجغرافي – وقد مال إليه ابن خلدون في مبدئه ( العصبية ) فهو يرى أثر ذلك في تشكيل المجتمع مما يجعلة يحمل صفات موحدة ، ويمتلك رؤية موحدة تجاه مجمل القضايا التي تحيط به ، وله رؤية محددة للعلاقة مع الطبيعة وطريقة التعامل معها ، ولهذا قسمت الامم بحسب هذا العامل إلى مجتمعات جبلية وسهلية . 2 – العامل البيولوجي – وقد أدعت الفلسفة البرجوازية والاحزاب النازية عمق هذا العامل وأثره في صناعة الوعي الوطني ، فالشعوب التي تنتمي إلى سلالات بايولوجية عضوية واحدة لها طبيعة في التوحد مع بعضها أكثر من غيرها ، ومنه نشأة فكرة التقسيم الاممي إلى شعوب آريه وشعوب سآمية ولكل منها جينات ومورثات بايولوجية خاصة ، مال إلى هذا العامل هتلر والشوفينيين والنازيين الجدد . 3 - العامل الانتربولوجي – وهذا العامل طرحه أنصار التكوين التاريخي للمجتمعات من خلال دراساتهم عن الاجناس البشرية ودراسة الطبيعة وشكل الانتاج ولهذا يقولون ان كل وحدة بشرية شكلت علاقات معينه مع بعضها وأسست مجتمعها الخاص بها ضمن رؤية معينة محددة مآل إلى ذلك دارون وتبعه خلق كثير . 4 – العامل الطبقي – ودور وسائل الأنتاج ومعادات البرجوازية في حين نسبتها الفلسفة البرجوازية إلى مظاهر الأشتراك في اللغة والجنس والأرض . وقد جاءت تفسيرات مختلفة للهوية الوطنية في الفترة المتأخرة ، تميل جميعها إلى طبيعة المصلحة وطبيعة النظم الاجتماعية والسياسية . من أجل هذا أنشئت دور ثقافية وجمعيات ومنتديات خاصة في هذا المجال ، وعلى أي إعتبار فالنظريات العامة قائمة على أساس مفهوم الاشتراك في المصلحة ، ولعل فريق من المؤلفين والباحثين آمن بالظاهرة على نحو تاريخي فلسفي كليمان بالجبر التاريخي أو الإيمان بمبدأ العلّيه ، فصار للهوية نظريات متعددة تختلف وتتفق حسب المرحلة وبعدي المكان والزمان وحاجات المجتمع . والاختلاف والاتفاق اعتبره – أرسطو - يعود إلى عوامل بيئية طبيعية وهذا منه يعود للأصله اللاتيني القائل : بالعلاقة بين التربة وولاء الجماعة ، وهذا ما جعل بوسويه يعتبر الأرض أماً ولم يبقى الأمر منحصراً هنا بل تعداه إلى طبيعة الصياغة القانونية والمجتمعية المنبثقة من ذلك والتأثرة بعوامل بيئوية وطبيعية – فمونتسكيو – يجعل الطبيعة البيئوية ذات أثر مباشر في تكوين روح الشرائع والقوانيين ، ويرى – هردر – الفيلسوف الابداعي بان البيئة الطبيعية مسؤولة بصورة رئيسية عن نشوء الوطن . وأما الليبراليون فنظرتهم للهوية الوطنية تتعلق بالجانب الإخلاقي والعقلي في صناعة المجتمع وصناعة النظم الاجتماعية والقانونية والولاء للوطن وللتربة وللبيئة وللجماعة فعند الليبرالية يتم الجمع بين الطبيعي والعقلي في مجال الحياة والكون .وهذا يدلل على أهمية الإيمان بحدود الوطن وبمكوناته الطبيعية التي هي أساس نشأة اللغة والثقافة والفكر ، وهذا يعني ان الليبرالي يعمل ذاتياً وموضوعياً لتصحيح مناهج الضغط المدرسي والتعليمي / التي ينسجها مخيال فكر ديني مريض يتصدى لتعميمه زعامات مرجعية محلية غير كفوءه . فالمرجعيات الدينية المزيفة والاحزاب السياسية ضيقة الأفق لاتساعد على النمو والتطور وهذا ما يعمل لبيانه الليبراليين في حركتهم التاريخية . الدائرة الثقافية والإعلام المركزي الحزب الليبرالي الديمقراطي العراقي تعليقات
أعرض التعليقات على شكل
(تخطيطي | متواصل)
اضافة تعليق
|
بسـم الله الرحمن الرحـيم"اقرأ باسم ربك اللذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم"
التقويم
بحث سريعيمكنك أخذ نسخة للطباعة بأحدى هذه الصيغادارة المجلةاحصائياتتاريخ آخر مقالة : 2023-09-02 13:16
|
Copyright 2007 © Liberal Democratic Party of Iraq