أدت الدراسات التي إستخدمت اللغه الآراميه لقراءة الكلمات المبهمه في القرآن إلى الكثير من النتائج، كانت بالفعل دراسات رائده وفتحت الطريق لكشوفات ما كانت لتحدث بدونها.
ولكن الصوره ليست أحادية البعد، فلكي تكتمل الصوره لابد من معرفة النطاق الجغرافي الذي كتبت فيه نصوص القرآن، وأيضا المدى الزمني الذي كتبت فيه تلك النصوص.
فاللغه الآراميه كانت هي الـ Lingua Franca أي اللغه الوسيطه في كامل آسيا الوسطى، بل وكانت اللغه الرسميه في إمبراطوريات عديده منها الإخمينيه والبارثيه والساسانيه، وأيضا كانت الـLingua Sacra أي لغة النصوص الدينيه للزرادشتيه والمانويه.
أول الأدله المشار إليها في عنوان المقال هي كلمة”الطور”، تاريخياً كلمة طوران Turan تعني أرض”الطور”Tur، كمقابل لكلمة إيران Ērān, Īrān التي تعني أرض الآريين Ārya.
الطور Tur هي كلمه تصف الشعوب الطورانيه في آسيا الوسطى ولا تعني”جبل”، صحيح أن كلمة”الطور” في اللغه الآراميه تعني جبل، لكن هذا لا يفسر ورود كلمة الطور في القرآن في أول السطر بينما ترد كلمة الجبال (تسير الجبال سيرا) في آخر السطر في ذات الجمله !! فأي بلاغه أو معنى في إستخدام كلمه آراميه في بداية الجمله، ثم إستخدام الكلمه العربيه لنفس الكلمه في نهاية نفس الجمله؟! والمقصود بذلك سورة الطور تحديداً كما يلي:
وَالطُّورِ
وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ
فِي رَقٍّ مَّنشُورٍ
وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ
وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ
وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ
إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ
مَا لَهُ مِن دَافِعٍ
يَوْمَ تَمُورُ السَّمَاء مَوْرًا
وَتَسِيرُ الْجِبَالُ سَيْرًا
الآيات السابقه تُقرأ كتحذير ونبؤه من عذاب حتمي، إجتياح من الطورانيين (الطور) حينما تمور السماء بالموريين Empire Maurya، فـ مَوْرًا هنا ليست مصدر الفعل تَمُورُ، تمور مصدرها مَوراناً أو مَورَةً تماما ككلمة تفور التي مصدرها فوراناً أو فَورَةً وليس فوراً، إذ يقال: تفور المياه فوراناً أو فورةً، ولا يقال: تفور المياه فوراً.
أي أن كلمة مَوْرًا هنا هي مُوراً إسم علم وليس مصدر لفعل تمور، تماماً كما نقول: تفيض الأرض ماءً، أو تميد الأرض فساداً، أي أن هؤلاء المُورْ (الموريين) سيأتون جحافل وكأن السماء تمور بهم.
وعلى نفس القياس تكون كلمة سَيْرًا هي إسم علم، إسم لشعب أيضا يصنف من ضمن الطورانيين اللذين يوشكون على المجئ وكأنهم جبال تسير، هؤلاء الـ سير هم الـ Sïr = Syr وهم نفسهم من ذكروا في الكتابات الإسلاميه تحت إسم الأساوره، قوم يلون المشرق، حيث يقع النهر الذي سمّي فيما بعد بـ سيرداريا الذي كان يعيش الطورانيين على ضفافه، فكلمة”داريا”تعني نهر، أي أن سيرداريا تعني نهر السير.
وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
وَطُورِ سِينِينَ
وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ
وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ
بدايةً إسم”سيناء”الحالي لم يكن إسم شبه الجزيره الأصلي، فشبه الجزيره كان إسمه تاريخياً Ta Mefkat وتعني أرض التركواز أو أرض الفيروز، وهو إسم متأخر في عصر الدوله الحديثه في التاريخ المصري القديم.
أي أن كلمتي سيناء وسينين لم تكونا إسماً لشبه الجزيره الحالي
في آسيا الوسطى تتواجد سلسلة جبال إسمها Altai = التاي، وهو يسمى في اللغات المغوليه بـ Altai-yin = التايين
ومازال حتى الآن يوجد شعب في نفس المنطقه يسمىAltaians = التايان
وهو شعب طوراني تركيpeople Altay or Altai
وسلسلة جبال التاي تلك بعض إمتداداتها تسمى Sayan Mountains = جبال سايان
والمنطقه التي تتشابك فيها جبال التاي وجبال سايان تسمىAltai-Sayan region = منطقة التاي- سايان، وهي منطقه مساحتها تزيد عن مليون كيلومتر مربع، وتاريخيا يعتبرها بعض المؤرخين ”the cradle of civilization” مهد الحضاره، بسبب آلاف الآثار ورسومات الكهوف التي عثر عليها هناك، بل إن كهف Denisova cave عثر فيه على هياكل عظميه لأشباه البشر تعود إلى 50,000 عام، ولذلك يعتبر هذا هو المكان الوحيد في العالم الذي عاشت فيه المجموعات الثلاثه لأشباه البشر، بل أن البحوث الجينيه أثبتت صله بين سكان أمريكا الأصليين وبين سكان هذه المنطقه.
نعود لكلمة”سينين”التي تتطابق مع كلمة Sayan فلو قرأنا كلمة”سينين”بعد إضافة حرفّي ألف خنجريه (لم يكونا يكتبان في النصوص القرآنيه) تصبح الكلمه سايانيّن = سايانـ + ـيّن أي شعب السايان الطوراني = طورٍ سايانيّن.
وتصبح كلمة طُورِ سَيْنَاءَ = طورِ ساياناءِ أي الشعب الطوراني السايانئي أو السايانوي – أو الساياناي وقلبت الياء همزه لوقوعها متطرفه بعد ألف زائده، وفقا لقواعد الإبدال في اللغه العربيه.
بينما تصبح كلمة”التِّينِ”هي التايان Altaians، أي شعب التايان الطوراني.
والجدير بالذكر هنا أنه في آية (بالوادي المقدس طوى) في بعض القراءات للقرآن تُقرأ كلمة”طوى”أيضا”طاوي”، وهي أقرب ما يكون لإسم جبال ألتاي = الطاي.
إذن ماذا عن كلمة”وَالزَّيْتُونِ”؟
في الأفستا (الكتاب المقدس الزرادشتي) توجد كلمة Xiiaona وهي لوصف شعب يقع شرقي إيران في آسيا الوسطى ومعادي لإيران يسمى في بعض المصادر بـ Xionites
هؤلاء الـ Xiiaona إذن يكتبون بالعربيه زييّون، أي أن كلمة زيتون كانت زييوّن قبل تنقيط القرآن
بل أن”وَهَذَا الْبَلَدِ الأَمِينِ”تشبه كثيراً كلمة Iranzamin وهو أحد أسماء إيران قديماً.
ثاني الأدله لنشوء القرآن من آسيا الوسطى هي كلمة”القاسطون”التي وردت مرتين في القرآن
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا
وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا
القاسطون هم Elcesaites, Elkasaites, Elkesaites or Elchasaites وهو مذهب يهو- مسيحي ظهر في العراق في القرن الأول الميلادي، وإستمر موجوداً حتى القرن العاشر الميلادي، وكان هناك تداخل بين هؤلاء الـElkasaites وبين المانويه التي أنشأها ماني في القرن الثالث الميلادي، وتنسب طائفة القاسطون إلى شخص مؤسس يدعيElksai، وكانت طائفه واسعة الإنتشار في القرن الثالث الميلادي.
ثالث الأدله هي كلمة”الأميين”“الأميون”&”النبي الأمي”
في اللغه العربيه توجد قاعده وهي: إذا سكنت الياءُ بعد ضمة قلبت واواً
أي أن كلمة”الأمي”إذا كان حرف الميم فوقه ضمه (أمُيْ) والياء ساكنه، فإن حرف الياء يكتب واواً، أي تصير كلمة أمُيْ = أموي
وهذه القاعده ليس لها أي وجود أو مثيل في القرآن، بمعنى أنه لو كانت الميم مضمومه بالفعل في كلمة (أمُيْ) فإن الياء لم تكن تُقلَب واواً في القرآن، ولأن النصوص الأولى من القرآن لم تكن مكتوبه بالتشكيل، فقد بقيت الكلمه كما هي مع فقد التشكيل الأصلي وهو الضمه فوق الميم، ولأنه في العربيه يُستَثقل نطق حرف مضموم قبل الياء الساكنه، مما أدى لفقد النطق الصحيح لها تدريجيا، وبالتالي فُقد معناها الحقيقي.
أي أن كلمة”أمي”هي أمُي = وتكتب صحيحاً = أموي
أميين هي أمُيين وتكتب صحيحه أمويين
أميون هي أمُيون وتكتب صحيحه أمويون
لو كان هذا الإستقراء صحيحاً للكلمه، إذن فما معنى وجود كلمات أموي وأمويين وأمويون في القرآن؟ وكيف يكون النبي أموياً؟
ثم أنه في مقال مقدمه في نشوء الإسلام، كيف وأين ومتى؟ تم نفي وجود الدوله الأمويه وفقا للأدله المستقاه من العملات والمسكوكات !!
والحقيقه أن نفي وجود الدوله الأمويه في الشام لا ينفي وجودها في الأندلس مثلا، أي أن الكلمه والمعنى (الأمويين) كان موجوداً بالفعل، والسؤال أين وجد الأمويين في سياق نشوء الإسلام؟ ومتى؟ وكيف كان وجودهم هذا؟
في آسيا الوسطى توجد مدينه ذُكرت في المخطوطات تدعى”آمويه”ĀMOL ĀMŪYA وهي نفسها مدينة”آمُل”، وهي مدينه تقع في طريق الحرير بين”بلخ”شرقاً و”مرو”غرباً، وهي مدينه قديمه تذكر المخطوطات أن الإسكندر مر بها قبل أن يبدأ في إنشاء مدينة”مرو”، مع ملاحظة أنها مدينه تختلف عن مدينة”آمُل”الحاليه في إيران التي تقع جنوب بحر قزوين.
بالطبع ليس مقبولا تفسير التاريخ وفقا لمدينة ما، خاصة أنها مدينه لم تُذكر كثيرا في التاريخ، بينما يخبرنا التاريخ عن”أمويين”يبدون كجماعات كبيره تقترب من كونها شعباً أنشأوا دولاً وحكومات !!
في وسط آسيا كان يوجد شعب يسمى الـ Mardians وفي بعض المصادر كان يسمى بـ Amard people, or Amardis أي شعب”المردا”أو”المرده”
وفي المصادر البهلويه الفارسيه الوسطى كان هذا الشعب يسمى شعب Amui = آموي !!
(also Amardians, Amui in Pahlavi)
وكانوا أيضا يسمون Mrda or Amrda في المصادر الإيرانيه، وهو توصيف لشعب كان يعيش في مناطق متفرقه، منها على جانبي نهر أموداريا شرقي إيران، ويعتقد على نطاق واسع أن هذا الشعب هو الذي أعطى إسمه لمدينة”آمويه”في آسيا الوسطى.
أي أنه كان يوجد شعب يسمى Amui = أموي في آسيا الوسطى، هم أنفسهم شعب”المرده”، وهناك الكثير من الغموض حول ماهية هذا الشعب، لكن الشئ الأكيد أن الإمبراطوريات الإيرانيه المختلفه بدءاً من الإخمينيين كانت تحتوي على شعوب كثيره إنتشرت بعيدا عن موطنها الأصلي نتيجة لهجرات أو تهجيرات دفعتها لذلك.
وما العلاقه بين هؤلاء الأمويين ونشوء الإسلام؟
الحقيقه أن”مزدك”الذي تتشابه سيرته جزئياً مع سيرة”محمد”- كما ذكرت في مقال مقدمه في نشوء الإسلام – تذكره بعض المصادر تحت إسم”مزدك بن ماردا”مثل كتاب: المنتظم في تاريخ الملوك والأمم لأبي الفرج عبد الرحمن ابن الجوزي.
أي أن مزدك كان هو النبي إبن الماردا الذين يسمون أيضا بـAmui أي الأموي !
أي أن لقب النبي الأمُي هو نفسه النبي الأموي، والأمُيين هم أنفسهم الأمويين = المرده الذين كانوا يعيشون في عدة مناطق من الإمبراطوريه الإيرانيه سواء زمن الإخمينيين أو البارثيين أو الساسانيين، شرقي وشمالي وغربي إيران.
وعندما حدث الإضهاد لمزدك وتم قتله هاجر أتباعه بكثافه غرباً، وكان هذا هو السبب في تهيئة الشام والأندلس وشمال أفريقيا لترسخ الإسلام فيها فيما بعد، وهو نفسه السبب لوجود العديد من الأضرحه والمراقد للصحابه وآل البيت في الشام ومصر.
رابع الأدله هي كلمة”سبعاً من المثاني”
وردت كلمة المثاني مرتين في القرآن
وَلَقَدْ آَتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآَنَ الْعَظِيمَ
اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ
تسمى الأفستا بـ Great Avesta أي الأفستا العظيمه، وهي تتشكل من عدة كتب، أحدها يسمى بـ Yasna of seven = سبعاً من اليثانا = سبعاً من اليثانى
في اللغه العربيه توجد قاعده لإبدال حرف ياء المضارع إلى حرف الميم لتحويل الكلمه إلى إسم مفعول
مثلما في كلمة: يسعى، يرضى
فإنها تتحول إلى: مَسعى، مَرضى
أي أن كلمة”يثانى”في الأفستا عند تعريبها يتم إبدال ياء المضارع ميماً وتصير الكلمه”مثانى”بألف مكسوره في نهايتها وليس ياء.
فمن الواضح أن”المثانى”المذكوره في الآيه هي وصف لكتاب ما منفصل عن القرآن، وليست جزء منه كما حاول الكثير من المفسرين إبتداع أي تفسير لها.
أي أن اليثانى ذات الفصول السبعه Yasna of seven chapters هي نفسها”سبعاً من المثانى”المشار إليها في القرآن
بل أن الأفستا يوجد بها جزء يسمى بـ Gasanig وهي كلمه تشبه كثيراً كلمة الغرانيق، التي تم رواية قصتها بصوره متهافته للغايه عن أن الشيطان أجرى على لسان محمد آيه تقول: تلك الغرانيق العلى، وإن شفاعتهن لترتجى
وقيل أن ذلك كان مسبوقاً بالآيه: أَفَرَأَيْتُمُ اللاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى، إمعاناً في التضليل عن المعنى الحقيقي لكلمة”غرانيق”، وهو ما يبدو أنه قد حدث لتبرير حذف كلمة غرانيق من القرآن في مرحلة ما، وهي المرحله التي تم فيها طمس التاريخ الحقيقي للقرآن ومراحل نشوءه وتطوره
وهذا لا يعني أن القرآن هو النسخه العربيه المترجمه من الأفستا، بل يعني أن القرآن والأفستا تطورا جنبا إلى جنب عن أصول شفاهيه مشتركه بينهما، بل أن كثير من الباحثين مقتنعين بوجود ما يسمى بـ Arsacid Avesta