القاتل حكم عليه بالسجن 25 عاما وأفرج عنه مرسي وقتل اليوم بعد 25 عاما من الواقعة
في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، قتل الداعشي المصري #أبوالعلاعبدربه أحد قادة الجماعةالإسلاميةالسابق في
غارة جوية نفذها طيران نظام الأسد في #سوريا.
عبد ربه هو أحد قتلة المفكر المصري الراحل الدكتورفرج فودة وحكم عليه بالسجن المؤبد في القضية حيث اعترف أنه أمدّ وزوّد منفذي الجريمة بالأدوات والسلاح المستخدم في قتل واغتيال فودة وأفرج عنه الرئيس المصري المعزول محمد_مرسي .
تفاصيل اغتيال فودة كانت درامية ومثيرة ففي الساعة السادسة والنصف من مساء يوم 8 يونيو في العام 1992 وعند خروج المفكر المصري الكبير من مكتبه برفقة ابنه بشارع أسماء فهمي بمصر الجديدة شرق القاهرة كي يستقل سيارته عائدا لمنزله اعترضه كل من أشرف سعيد إبراهيم وعبد الشافي أحمد رمضان؛ حيث كانا يستقلان دراجة بخارية وأطلقا عليه الرصاص الذي اخترق كبده وأمعاءه بينما أصيب ابنه إصابات طفيفة.
القاتل في قبضة الأهالي
سائق سيارة فرج فودة ترك المفكر الراحل وطارد الجناة بالسيارة وتمكن من اللحاق بالمتهم عبد الشافي رمضان الذي سقط خلال المطارة من الدراجة البخارية على الأرض ليرتطم بالرصيف ويصاب بإغماءة؛ مكّنت السائق والمارة من ضبطه والإمساك به وتسليمه للشرطة.
في الوقت نفسه كان فرج فودة قد وصل إلى #المستشفى وهناك كان يصارع الموت ووفقا لرواية الأطباء المعالجين له فقد قال قبل وفاته بلحظات “يعلم الله أنني ما فعلت شيئا إلا من أجل وطني”، وحاول جراح القلب د.حمدي السيد نقيب الأطباء وقتها إنقاذه لمدة ست ساعات كاملة لكن القدر اختاره لجواره .
قبل الحادث بأسبوع كانت هناك مناظرة شهيرة في مصر بطلاها فودة والشيخ #محمد_الغزالي؛ وقبل المناظرة كانت هناك موجات تصعيد من تنظيمات متطرفة ضد فودة بسبب آرائه وأفكاره أدت إلى ما حدث في 8يونيو .
في الأول من يونيو 1992 أعلنت الهيئة العامة للكتّاب برئاسة الدكتور #سميرسرحان، عن مناظرة في معرض الكتاب تحت عنوان ” مصر بين الدولة الدينية والدولة المدنية”، شارك فيها الشيخ محمد الغزالي، والمستشار #محمدمأمونالهضيبي، المتحدث باسم جماعة الإخوان حينها، والدكتور #محمدعمارة، في مواجهة فرج فودة؛ والدكتور محمد أحمد خلف الله، العضو بحزب التجمع؛ وانتظر الجميع هذه المناظرة النارية التي سبقتها حملات إعلامية محمومة وتحشيد وتجييش من جانب الجماعات المتطرفة التي حاولت تهيئة الرأي العام لعدم تقبل أفكار فرج فودة والادعاء بكفره وإلحاده وارتداده عن الدين.
التجييش الإعلامي
نتيجة لهذا التجييش الإعلامي حضر المناظرة التي أقيمت في استاد القاهرة ما لا يقل عن 30 ألف شخص أغلبهم من أنصار الجماعات المتطرفة والإخوان؛ وسط هتافات مدوية واعتراضات وصيحات وهتافات ضد فودة الذي لم يكن قد بدأ الحديث بعد .
قبل المناظرة بأيام قليلة أصدرت جبهة علماء الأزهر بيانا ناريا ضد فودة؛ وطالبت لجنة شؤون الأحزاب بعدم الترخيص لحزبه الجديد الذي أطلق عليه اسم المستقبل، وزادت في بيانها قسوة عندما اتهمت فودة بالكفر وأوجبت قتله ونشرت صحف موالية ذلك البيان وتلقفته أيادي أنصار الجماعة الإسلامية وأعدوه كمنشورات وزعوها في المناظرة .
بدأت المناظرة بكلمة للشيخ الغزالي ذكر فيها أهمية الحفاظ على الهوية الإسلامية وتبعه المستشار الهضيبي المتحدث باسم الإخوان الذي ركز على أهمية أن يكون الجدال والنقاش بين “الدولة الإسلامية” و”الدولة اللاإسلامية” مؤكدا أن الإسلام دين ودولة وليس دينا فقط؛ وخلال تلك الكلمات كانت الصيحات تتعالى والصرخات تشتد والحناجر تزأر؛ وتخيف كل من يعترض على أحاديث الغزالي والهضيبي.
فرج فودة كان آخر المتحدثين؛ أمسك الميكروفون بثبات ورباطة جأش؛ رغم الحرب النفسية التي شنها عليه أنصار التيارات المتطرفة؛ وبدأ كلامه للرد على ما دار من حديث، بالإشارة إلى دولة الخلافة وما بعد الخلافة الراشدة، مُستشهدًا بكلمات للإمام الغزالي نفسه تؤكد ذلك.
اقحم فودة الحاضرين باستشهاده بكلمات لهم أنفسهم؛ ووفقا لما ذكرته صحف مصرية فقد قال فودة إن الشيخ الغزالي ذكر أن #الإسلاميين منشغلون بتغيير الحكم أو الوصول إلى الحكم دون أن يعدوا أنفسهم لذلك، كما أشار إلى ما قدمته بعض الجماعات المحسوبة على الاتجاه المؤيد للدولة الدينية، وما صدر عنها من أعمال عنف وسفك للدماء كما استشهد بتجارب لدول دينية مجاورة على رأسها إيران قائلًا إذا كانت هذه هي البدايات، فبئس الخواتيم، ثم قال للجميع الفضل للدولة المدنية أنها سمحت لكم أن تناظرونا هنا ثم تخرجون ورؤوسكم فوق أعناقكم؛ لكن دولا دينية قطعت أعناق من يعارضونها .
وأضاف فودة في المناظرة: “لا أحد يختلف على الإسلام الدين، ولكن المناظرة اليوم حول الدولة الدينية، وبين الإسلام الدين والإسلام الدولة، رؤية واجتهاداً وفقهاً، الإسلام الدين في أعلى عليين، أما الدولة فهي كيان سياسي وكيان اقتصادي واجتماعي يلزمه برنامج تفصيلي يحدد أسلوب الحكم.”
وذكر فودة في المناظرة كما تروي الصحف المصرية قائلا: أنا أقبل أن تهان الشيوعية ولكني لا أقبل أن يهان الإسلام، حاش لله، أما أن يختلف الفرقاء في أقصى الشرق وأقصى الغرب، ويحاولوا توثيق خلافاتهم بالقرآن والسنة ومجموعة الفقهاء، حرام، حرام، نزّهوا الإسلام وعليكم بتوحيد كلمتكم قبل أن تلقوا بخلافاتكم علينا، قولوا لنا برنامجكم السياسي، هؤلاء الصبيان الذين يسيئون إلى الإسلام بالعنف وهو دين الرحمة، هؤلاء الصبيان منكم، أم ليسوا منكم؟
التنظيم السري
إذا كان التنظيم السري جزءاً من فصائلكم أم لا، تدينونه اليوم أم لا؟ هل مقتل النقراشي والخازندار بدايات لحل إسلامي صحيح؟ أو أن الإسلام سيظل دين السلام، ودين الرحمة، والدين الذي يرفض أن يُقتل مسلم ظلماً وزوراً وبهتاناً لمجرد خلاف .
ويختم فرج فودة كلمته قائلاً: القرآن بدأ بـكلمة اقرأ، وسنظل نتحاور لنوقف نزيف الدم ونصل إلى كلمة سواء، وأنا أؤكد لكم أنه ليس خلافاً بين أنصار الإسلام وأعدائه، هو خلاف رؤى، وهذه الرؤى لا تتناقض مع الإسلام، لكن الفريق الذى أنتمى إليه لم ير أبداً أن الإسلام دين العنف، الإسلام هو دين القول بالتي هي أحسن، ولأجل هذا نحن ندين الإرهاب لأنه قول وفعل بالتي هي أسوأ، التاريخ نقل إلينا حوار أبي حنيفة مع ملحد، كان الحوار بالحروف لا بالكلاشينكوف أدعو الله للجميع أن يهتدوا بهدي الإسلام وهو دين الرحمة، وأن يهديهم الله ليضعوا الإسلام في مكانه العزيز بعيداً عن الاختلاف والفُرقة والإرهاب، وعن الدم والمطامح والمطامع.
انتهت المناظرة وشعر الجميع أن فودة أطلق كميات من الثلج على رؤوسهم؛ فقد توقفت الصيحات وتحولت لهمهمات؛ واختفت الصرخات وحلت محلها أصوات تصفيق الحاضرين من المؤيدين للدولة المدنية ولفودة؛ وبعدها بأسبوع كان المفكر المصري في رحاب ربه بسبب كلماته في هذه المناظرة؛ الأمر الذي جعل الدكتور سمير سرحان رئيس الهيئة العامة للكتاب يبكي بحرقة لشعوره بالذنب ولكونه وراء خروج فكرة هذه المناظرة التي أودت بحياة المفكر الكبير.
فتوى عمر عبد الرحمن
في تحقيقات النيابة اعترف القاتل #عبدالشافي_رمضان أن أبو العلا عبدر ربه هو من زوده بالسلاح والأدوات المستخدمة وحدد له طريقة التنفيذ والموعد واختار الموعد قبل عيد الأضحى بأيام قليلة نكاية في أهل فودة ولكي يطفئ فرحتهم بالعيد .
وعندما سأله المحقق بناء على أي نص قتلت الرجل فقال إنه قتله بناء على فتوى للدكتور عمر عبد الرحمن مفتي الجماعة الإسلامية بقتل المرتد، فسأله المحقق ولكنك قلت في التحقيقات إنك أمي لا تقرأ وتعمل ببيع السمك فكيف قرأت الفتوى فرد قائلا لم أقرأ ولكنهم قالوا لي .
اعترافات المتهم كشفت أن الجناة تلقوا تكليفا من قادة الجماعة الإسلامية بناء على فتوى عمر عبد الرحمن بتصفية فودة؛ واستغرقوا وقتا في البحث عن طريقة للتنفيذ كان من ضمنها خطفه وحرقه حيا، كما جرى نقاش حول طريقة أخرى للتنفيذ باستخدام السلاح الأبيض؛ وطعن فوده حتى الموت؛ ولكن تم استبعاد الطريقتين والاستقرار على قتله بواسطة الرصاص .
وفي اليوم المحدد والساعة المحددة كان المتهمان المكلفان بالتنفيذ يقومان بالمهمة؛ وعلم أبو العلا عبد ربه بنجاح العملية وأبلغ قيادة الجماعة الإسلامية بذلك؛ وقال لقد أقمنا عليه الحد وحكم على الجميع بعقوبات بالسجن منها المؤبد والأشغال الشاقة كما قضت المحكمة بإعدام المتهمين الأول والثاني والحكم بالسجن المؤبد 25 عاما على المتهم الثالث أبو العلا عبد ربه؛ وأفرج عنه الرئيس المصري المعزول محمد مرسي بعفو رئاسي في 2012 ؛ لكن القدر كان له رأي آخر فقد قتل ابو العلا رمضان بعد 25 عاما من الواقعة في غارة بسوريا ليقتص منه قضاء السماء وبعد 25 عاما هي مدة حكم قضاء الأرض