فريق العمل
1
مع تنامي خطر الحرب الاهلية مع نهوض الانفصاليين على مستوى اقليمي، ينمو المد الشيعي في الشرق الاوسط بشكل اكبر مما عليه في نظيره السني، ليشمل الحصول على حلفاء سنة، في حرب اقرب ما توصف به انها مذهبية، بين بلدان بالنيابة.
يتقرب "السلطان السني في تركيا"، من روسيا، لاستحصال رضاها، وعرضها هنا، تقديم ارض تنطلق منها الطائرات الروسية لضرب اعدائها في سوريا، وحماية النظام العلوي لبشار الاسد، وقوات حزب الله ، بعد ان اقلعت طائرات روسية من مطار "حمادان" في ايران، وما تبع ذلك من مخالفات للدستور الايراني اثيرت ضد الفعل.
السعودية، التي تمثل الجانب الاخر من المعادلة، لم تقف ساكنة، بل عمدت الى مهاجمة الشيعة في اليمن، وقتلهم باستخدام سلاح بريطاني، فايران تساعد الشيعة بالسلاح الروسي عبر ذراع عراقية، والسعودية تقتل الشيعة عبر سلاح بريطاني بذراع يمنية.
بين هاتين القوتين المصدمتين، يقف "السلطان اردوغان" السني، في موقع حرج من معطيات الوضع الحالي، فهو الذي حول استدارة سياسته في بلاده الى الشكل الذي تبدوا معه وكانها سراط مستقيم، فقد هداه بعد ان اسقط طائرة روسية، ليتسارع بعدها بخطى تجر بعضها الى سان بطرسبيرغ، في محاولة اخيرة لشراء صداقة القيصر الروسي بوتين.
السلطان التركي وجد نفسه يقدم الدعم للولايات المتحدة، ولروسيا في ذات الوقت.
خلف الستار.. تنموا قاعدة جديدة
كيف نسى العالم النصرة، ذلك التنظيم المولود من رحم القاعدة ليخلفها في الارض، التنظيم الذي نسي تقريبا مع نهضة داعش، فتاه غير الشرعي، خصوصا بعد ان اعادة جبهة النصرة تسمية نفسها الى لواء "فتح الشام" بتمويل قطري واضح ومباشر، احيانا تقاتل داعش، واحيانا تتحالف معه.
المخلوقات ذو الملابس السوداء ومقاطع الفيديو البشعة التي تصدر عنهم اقتربوا من نهايتهم المحكمة، فقط ليظهر الى الصورة الخليفة الجديد، فالغرب اثير بقوة ضد داعش بسبب دعايته الرعناء، متناسيا وجود وحش قابع في المحيط، يتحين الفرصة للظهور.
في خضم هذه الفوضى، الروس هم فقط من المتنبهين حول تنامي النصرة بحلتها الجديدة، ولهذا يقومون بتركيز ضرباتهم الجوية على المناطق التي تخضع لما يعتقد بانهم "معارضة" النظام السوري، هذه الحلة الجديدة للنصرة التي تمكنت من ان تقاتل خارج الحصار الذي فرض عليها من قبل القوات النظامية السورية، اظهرت خطرها، في الوقت الذي فشل فيه داعش في الحفاظ على تدمر، وازيح عنها خلال معركة قصيرة ودامية، راح ضحيتها، العشرات من جنود الجيش السوري النظامي، الذين ينتمون الى الطائفة السنية في الاصل.
التنافس في سوريا والعراق الان لم يعد مقتصرا على الاقتتال الداخلي بين الطوائف باسماء الاحزاب وولائها، بل تعداه في التجربة السورية، الى صراع مصالح، جبهة النصرة القوية لامتلاكها عناصر بغالبية عظمى سورية، تتقدم بدعمها القطري، على داعش وعناصرهم المتكونون من شيشانيين، عراقيين، باكستانيين، سعوديين، قطريين، افغان، اتراك، مصريين، فرنسيين، بلقان، كوسوفيين وبريطانيين.، مدعومون من السعودية.
الصراع يتعاظم بين تراجع المد السعودي، ونهضة القطري
السلطان في مأزق
تركيا السنية، غيرالعربية، وجدت نفسها محشورة في صراع عمالقة، اجبرها على ان تتخذ من الغريمين، موسكو وواشنطن حلفاء في ذات الوقت، وما يترتب على هذا الفعل من فقدان للطرفين، مصير هذه الدولة التي باتت تعتمد على تهريب النفط والسلاح سيكون مقارب لباكستان، وكما نص التاريخ.
التراجع السياسي في تملق تركيا للطرفين، ليس العامل الوحيد الذي بدا يفتك بها، عدم الاستقرار السياسي عقب محاولة انقلاب تموز الفاشلة المثيرة للجدل، ادت بتركيا الى الوقوع تحت الهجوم على داخلها، وليس فقط سياستها الخارجية، حين هاجمتها المانيا سياسيا، معلنة اياها، داعمة للتطرف السني والارهاب في المنطقة، حيث اعلن وزير الداخلية الالماني مثلا "اول شرويدر"، الذي اعلن امتلاك بلاده لوثائق سرية، تثبت انخراط السلطان اردوغان، في دعم منظمات ارهابية، كالاخوان المسلمين في مصر، وحماس في فلسطين وسوريا.
قد تكون المقاربة بين الاطراف التركية وقريباتها الفكرية المكونة لمنظمات ارهابية، مبنية على اسس مغلوطة بسبب التقارب الايدلوجي، لكن بالنهاية، فان اسم اردوغان قد كتب بالخط العريض، في تلك التقارير التي اشارت الى تورط حزبه، العدالة والتنمية، في دعم الارهاب في المنطقة.
مختص عامل ضمن فرق الاستخبارات الالمانية، التي تعمل حاليا كحلقة وصل بين حزب الله الشيعي، واسرائيل، غالبا في اتفاقيات لتبادل الجثث، قررت في النهاية، بان وجود تركيا ضمن حلف الناتو، غير مرحب به ضمن الحرب على الارهاب، لاسباب، على ما يبدوا بانها تتمحور حول دورها الحالي، فهي التي تقدم الدعم لروسيا، وتقدمه كذلك للولايات المتحدة، على الرغم من كونها البلد الاسلامي الوحيد في حلف الناتو، والسني ايضا، فما هو مستقبل تركيا وهي تلتف الان بداخل الحرب الاهلية الحالية والقادمة.
حلف ايراني تركي روسي
الصداقة المكتسبة جديدا التي تجمع بين القيصر بوتين، والسلطان اردوغان، دفعت بقرب جديد بين تركيا وايران، واللذان بدءا بعقد محادثات، في محاولة لاقامة حلف اقليمي يجمع بينهما بالاضافة الى روسيا، خصوصا بعد ان عبر اردوغان، عن فيض مشاعره بعد الاتصال الهاتفي الذي عبر خلاله بوتين عن دعمه لاردوغان بعد محاولة الانقلاب.
السندان الاساسي الذي سيتم طرق هذا الحلف على جسده، هو الحلم الكردي بالاستقلال، فكل اطراف الحلف المؤمل عقده يرفض اقامة دولة كردية مستقلة، حيث سيقفون بالضد من هكذا فعل ان تم، وقد يقلبوه عسكريا، وان تعدى الامر ذلك، فهذا الحلف ايضا لن يدعم الاكراد السوريون ألذين تحولوا الى جندي ولي للولايات المتحدة، ففي سوريا الجديدة، اردوغان يرغب برؤية هؤلاء محطمين ألى جانب حلمهم بدولة مستقلة.
في الوقت الذي سيقوم فيه النظام السوري اذا ما اعاد بناء سوريا، بالتشديد على الوحدة ورفض اي مظاهر للاستقلال الكردي، النهاية للحرب الاسلامية الداخلية في المنطقة الشرق اوسطية، بين طرفين الاول يتهم الثاني بانه ارهابي، والاخر يرد باعتباره كافرا، قد تكون شقيقة نهائية.
غرابة الوضع..
اذا ما كانت السعودية وقطر تدعم هذه التنظيمات الارهابية في سوريا، رغم ان النظام الدكتاتوري في سوريا، لا يدعم اي حركات او منظمات في الرياض او الدوحة، فهذا يعني ان لدى كليهما الكثير ليحاسبوا عليه، من دعم الاطراف السنية المتطرفة، في الوقت الذي تقاتل فيه الولايات المتحدة ضدها.
الغرابة هنا تكمن بالاصل في ما ال اليه الوضع، روسيا والولايات المتحدة، يتحدون للمرة الاولى في حلف غريب من نوعه ضد تنظيم داعش، والاكثر غرابة، هو حصول الشيعة والايرانيين على الدعم المباشر من كلا الطرفين، الولايات المتحدة وروسيا، بالاضافة الى تركيا التي تجر اقدامها في المؤخرة، فمن تبقى للسعودية وقطر في مخططاتها الحالية ؟
المصدر: Independent
ترجمة: One نيوز/ AA