أنين تسمعه كمواء القطط يتسرب من الحدود مستغيثا بعالم فقد ضميره داخل الوطن وخارجه …
فمصائب الشعب بعضها يلاحق بعض … وتِنين داعش والفساد قد دخلوا في حلف غني عن التعريف يأكل قلب الوطن وينهش منسأته …!
…
هذا الفساد الذى لا تستثني منه أحدا في دولاب الدولة ممن تلعب بين أيديهم الدولارات لعبه النرد في المقاهي … وبحجم فشلهم لا يخشون خسارة ولا يتراجعون عن مقامرة
حتى وصل الفساد إلى الطبقات التي كانت تعلوا وجوهها وفره الصلاح بعدما تشابكت وظائفها مع آلام الناس …!
إلى أن بدت خلف مستشفى اليرموك ببغداد عوراتها وسئم الشعب من عطائها حتى ذهب الرجل في بيته يرفض أن يزوج ابنته من طبيب .. بعدما تحول لابس الروب الأبيض إلى شيطان يختبئ خلف الثياب يتاجر في الأشلاء والعظام … لا يأبه لضعف الطفولة ولا غُلب الأمومة ولا انكسار الشيوخ ولا حاجة الوطن للسعادة بالصحة والسلامة من الألم ..
واصبح المشهد برمته في داخل العراق ينزح إلى خارجها صراخا ومحن ..
فمن أي جهة يواجه هذا الشعب كوارثه …
من سرقات الطبقات السياسية أم من عنف الجهوية القبلية وتغلبها على القيم ..؟
أم من تواطؤ الجوار العربي ؟
أم من زحف النواصب في العالم نحو حدوده تطلب روحه وتريد فناءه نصره لله كما تعتقد وفقا لمذهبها التكفيري الذى يؤلم العالم كله من حول العراق أيضا ..؟
أم من الوزارات الخدمية التي من مهامها تخفيف الألم عن الشعب الغارق حتى آذانه في تجارب اللصوص وتبادل الفصوص وكأنه معمل مختبرات لكل لص ومحترف خيانة ومتواطئ ..!!
لقد بلغ الأمر بأهل العراق أن تصدر مستشفى اليرموك شهادات وفاة لأطفال حديثي الولادة بدل من شهادات ميلاد بعدما جمعوا البقايا المحترقة في كراتين الأدوية وسلموها إلى أسرهم بعد معاناه بدلا من تجهيز الرفاة بشكل يحترم المشاعر ويخشع أمام بشاعة الموت على إثر الحريق الذى إلتهم المستشفى نتيجة لأخطاء جسيمة لم يكشف عنها بعد وما تلاه من خطايا الإطفاء والمتابعة ..!
فإلى متى يا عراق تشتكي من كل هذه المظالم التي جعلتك في طليعة المظلومين بالعالم إذا استوت الصفوف وجاءت الصحف ترفعها الكفوف ..!
أتصل بي من أحد أحياء بغداد يلهث خلف همومة التي استشعرت حرارتها وأنا بأحد أحياء القاهرة يبث ألما عز على لغة العرب التعبير عنه أو الإحاطة به …. فالرجل من وطن الهموم المتوارثة يعيش فوق كرسيه ككتلة من الأحزان بعضها فوق بعض بعدما أصر على الأضرار به وبأحد أفراد أسرته ووطنه مجرمون جدد بملابسهم البيضاء وقد تعاون فيهم غياب الضمير مع سوء الأدب مع أنهم أطباء موصوفون زورا في الشرق التعيس بملائكة الرحمة .. ولا يعرف حجم كذب الوصف وتشفيه في الحقيقة إلا كل مريض وموجوع .. !
فقال لي في سطر يئن هل لك أن تكتب عن معاناتنا وأنت تكيل لهؤلاء المجرمين المتخلفين خلف بلاطيهم البيضاء النظيفة الشتائم واللعنات ..؟
فأجبته بلغة المحب والمعني به وبما يشعر …
أنا لا أجيد الشتائم بقدر العرض والتوثيق فمدني بما لديك ودعني أتعرف على ملامح الأزمة من وسائل مختلفة لجمع معلومات تخلوا من التناقض وتكون جديرة بتكوين وجهة نظر تتسم بالموضوعية لا الشطط حتى نشير إلى فضيحتهم ونجعلها بالسطور في ذمة التوثيق والتاريخ لعلها تجد جيلا يصحح المسار ويسلط عليهم النصال …!
ففي بلادنا الشرقية تتشابه صفات التخلف وكأنها خرجت من جين واحد مع احتفاظ العراق بالنسخة الأصلية التي يأتي منها التوالد .
ومن هول ما يشعر به صديقي من إهمال وقذارة الواقع الطبي في العراق واستغلاله للمرضى وغياب الدولة وفوضى الضمير الجمعي فقد أصر على الاستنجاد بأبجدية جديده تلعن هذا المكر وتصف هذا السوء فلم تعد بظنه تفي بها لغة العرب التقليدية لبشاعة ما واجه من استغلال الأطباء وما حولهم من منظومات فساد وهم المحسوبون زورا ككل واقعنا على ملائكة الرحمة …
الآن نستغيث بكل صاحب ضمير حي .. ومسئول أمين … وكل صاحب قدرة على التغير .. أن يسعى بما يملك لتقديم بديل يمسح الدموع ويفتح الطريق وينشر ولو مشاهد من أمل على هذا الطريق الطويل في طول الوطن العربي وعرضه ولتكن البداية من وطن التضحيات كنداء لشعب العراق الذى بذل كل ما في جسده من عَرق ويكاد بالجفاف يشرف على الغرق .. وإنا والله لمنتظرون لجيل جديد تُربط به أمال النهضة وتتحلق حول مراسيه سبل الخلاص ولعله يكون قريبا . .