"لقد سرتُ على الدرب الطويل للوصول إلى الحريّة، وحاولتُ ألّا أفقد حماسي، وقد قمتُ ببعض الخطوات الخاطئة على طول الطريق، ولكنني اكتشفت السر أنّه بعد تسلق جبل عظيم، يجد المرء أنّ هناك جبالاً أخرى كثيرة ينبغي تسلقها".
نيلسون مانديلا
تُعدّ الطائفيّة الدينيّة من أعقد الظواهر الاجتماعيّة وأوسعها انتشاراً في الوقت نفسه، وعلى الرغم من أنّ الطوائف الدينية ليست مجرّد مظاهر موازية لأنماط التدين المألوفة، وإنّما هي مؤشرات غير عادية على أوضاع اجتماعية غير عادية أيضاً؛ كونها لا تتمتع بالديمومة والاستقرار الذي يميز الهياكل المكونة للمجتمع، فإنّه يلزم التمييز بين الطائفة والبنية الاجتماعية، وهل للطائفة طابع استثنائي عابر؟ وهل نجحت في ترسيخ وجودها وتجاوز هذا الاستثناء[2]؟ ومن ثمّ التمفصل في بنية المجتمع، وهو ما يتطلب قراءة تاريخية تحليلية لتاريخ الطائفة ومدى اندماجها وارتباطها بالبنى الاجتماعية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح قبل الانطلاق في عملية تأصيل المعطيات والمفاهيم الرئيسة التي أثرت بشكل كبير في تحديد وضع ومكانة الطائفة الدينية في مجتمعاتنا العربية، يدور حول معنى الطائفية الدينية من زاوية الآخر، وكيف تكوّن هذا المفهوم وترسّخ في البنية الذهنية، بحيث باتت المسافة البينية مع الآخر الديني أكثر بعداً من تلك الموجودة مع الآخر الإثني.
ربما يعود ذلك إلى مفهوم الأمّة التقليدي في الوعي الإسلامي، الذي يتكوّن من أربعة متغيرات تتحقق الظاهرة من تكاملها وهي: جماعة يسودها الإيمان المطلق بالدين الإسلامي، تملك هذه الجماعة إدراكاً واحداً فيما يتعلق بالعقيدة ومفاهيمها والخضوع التام لمبادئها، وتربط عناصرها علاقة التضامن المطلقة، ثم يأتي الجهاد ضدّ الآخر كمحور للوظيفة الحضارية لتلك الجماعة[3]. وعليه يتحقق التكامل الوظيفي والبنائي لمفهوم الأمّة الإسلامية كحقيقة معنوية ترسخ في وجدانها ذلك التوجس من الآخر الذي يعيق وظيفتها، ويهدد منظومتها القيمية.
تتمة موضوع "الشيعة في مصر([1]) محنة الخلاص في طريق الآلام...سامح محمد إسماعيل "